السبت، 24 نوفمبر 2012

وزارة التربية الوطنية تغضّ الطرف عن محاولة قتل مدير لأستاذ بمؤسسة تعليمية


وزارة التربية الوطنية تغضّ الطرف عن محاولة قتل مدير لأستاذ بمؤسسة تعليمية


يبدوا أن وزارة التربية الوطنية رأت أنه ليس من الضروري إصدار بلاغ تدين من خلاله محاولة القتل هاته التي قام بها أحد أشباه المدراء الذين شاء القدر أن توضع بين أيديهم أمانة التربية والتعليم.. الغريب أن الوزارة المعنية لا تترك صغيرة ولا كبيرة إلا وعقبت عليها وأصدرت بلاغا توضيحيا حد قولها، ووزيرها السيد الوفا يوفي حقه في التصريحات والخرجات الإعلامية ويزيد..وهو أمر مقبول ومرغوب فيه في إطار التتبع الحثيث والمسؤول لكل المجريات والأحدات المتعلقة بالقطاع، بيد أنه يصبح من غير المفهوم هذا الذهول والشرود عن كهكذا موضوع خطير يستهدف أمن المؤسسة التعليمية وأطرها وتلامذتها من جهة من يفترض فيه السهر على أمنها وسلامتها.. الصورة التي رأيناها والتي تظهر رأس مراسل هبة بريس الأستاذ الدغمي وقد انشطر جزء كبير منه آلمتنا كثيرا وأفزعتنا.. ليس لأن الضحية صديق ومراسل للموقع وحسب، بل لرمزية مكان الحادث الذي وقع فيه الفعل الإجرامي ( مؤسسة تعليمية ) و الفاعل الذي يحمل صفة ( مدير ) وشاهدوا العيان ( أساتذة وتلاميذ ) وهي كلها العناوين الكبرى لهذا القطاع الحيوي الذي يعبر عن نبض المجتمع وحيويته، فوزارة التربية الوطنية باختصار هي مؤسسة وإدارة وأطر وتلاميذ.. فأن يحدث فعل مثل هذا الحادث المؤلم في فضاء التعليم وتربية النشئ الصاعد -أمل المغرب - المفترض تربيته على الحوار والتواصل وقبول الاختلاف يكون الدرس التطبيقي القادم من "المدير السيد" هو لغة السيف والحديد والدماء، وكأنه يحن إلى ثمانينيات وتسعينيات الجامعة المغربية والاقتتال الطائفي البغيض الذي لا زال يسود في بعض منها..
و مهما تكن درجة الاختلاف وحدة التوتر فإن المعهود على رجل التعليم والتربية ضبط النفس وتحكيم منطق العقل والتبصر، وحتى إذا خرجت الأمور عن السيطرة فإن غاية الخصام لا تعدوا أن تفوق درجة السباب والخصام والرابح في تجارة السباب خاسر.. أما وأن تنتقل الحالة إلى محاولة قتل عن طريق الضرب بالحديد على مستوى الرأس ( المقتل ) – حمدا لله على لطف الاقدار- فإنه من الخطإ الفادح أن توكل مؤسسة تعليمية يؤتمن فيها ناشئة الغد لرجل علاقته بالتربية والتعليم كعلاقة السمك باليابسة، حيث يفتقد العيش وتنعدم الحياة.. وفعلا لعقود طويلة انعدمت الحياة في قطاع التعليم والتربية وكثر اللاغطون والمبطلون والمنتحلون فيه، وأضحى الأستاذ الصالح المكافح المناضل مع أبناء شعبه يوصف بأنه مغفل وبليد وقد قلبت عليه القفة.. هكذا إذن وبهذا اليسر تنقلب الموازين ويُمكّن تمكينا لرجل لغته الحديد والدم، تسييرَ مرفق عمومي له علاقة بالتربية.. أيم والله أكاد أعضّ أناملي أسفا أسفا..
عقلية الأبوية والسلطوية لا زال الكثير من المسؤولين بمختلف مستوياتهم الكبرى والصغرى يتعاملون بها ويفرضونها فرضا وقهرا على من دونهم، وإن أبديت أي اعتراض فمصيرك مصير الاستاذ الدغمي، وكأن المؤسسات التعليمية تصبح في حوزتهم وتحت تصرفهم المطلق بمجرد ما يتصل به فلان النقابي المقرب منه ويفصح له بـ"حنوك" ممتلئة أنه تقاتل من أجله كي يكون مديرا، فينتقل إليها دون أن ينسى اصطحاب نعجة ترعى من خضرة المؤسسة و دجاجة وديك يؤنسانه نهاية الأسبوع ..إنها المزرعة فأتو حرثكم أنى شئتم ؟؟
حادثة الدغمي ليست إلا الشجرة التي تخفي وراءها الكثير من أساليب النصب والاحتيال والتهديد والابتزاز والتحرش من طرف مجموعة من المدراء الذين يحتلون مؤسسات التعليم العمومي، ولنساء التعليم القدر الكبير من هذا الألم المسكوت عنه.. إصلاح قطب التعليم لن يتم دون إصلاح المرافق الإدارية المؤطرة له، وهذا الاصلاح لن يتم إلا بوضع سياسة واضحة المعالم تهم بالخصوص طريقة انتقاء المدراء والتربويين والعمل على تكوينهم بما يؤهل إمكاناتهم وقدراتهم الإدارية والنفسية والمادية.. على الإطلاق من غير المعقول أن تسند مؤسسة تربوية تضم المئات من التلاميذ لأستاذ لم يبق له على سن التقاعد سوى سنوات قليلة.. وعوض أن تقلص ساعات عمله ينتقل للاشتغال صباحا ومساء ؟؟ بأي حساب يتم هذا.. الحاجة ماسة جدا إلى مراكز لتكوين المدراء، وإن لم يكن ذلك فلتكن مستشفيات للمدراء وليحجز مكان من الآن لفالق رأس الأستاذ الدغمي وجمعيته، وسأكون مصدقا له إن أدلى بشهادة طبية تثبت حمقه..
أقل ما ينبغي أن تقوم به الوزارة المعنية في بداية التفاعل مع الحادث هو إصدار بلاغ تدين فيه بشكل عام هاته الأشكال الشاذة والبعيدة عن نطاق التربية والتعليم وتدفع في اتجاه تطبيق القانون ومقتضياته المنصوص عليها حتى يعلم أناس أن هناك أمورا قد تغيرت.
ملاحظة : التحية والتقدير والاحترام لكل المدراء -رغم قلتهم- الذين يتفانون في خدمة قطاع التعليم رغم الإكراهات، ويبذلون الجهد الكبير في إنجاح مؤسساتهم ويحترمون أطر التدريس والتلاميذ . لهم كل الحب والامتنان.

عبدالحي بلكاوي- هبة بريس


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة