الجمعة، 6 أبريل 2012

التعليم بحاجة إلى قرارات وخطط جريئة


يحتاج إنقاذ المدرسة العمومية، إلى تغيير ماسكي حقائب الوزارة ومخططاتهم وبرامجهم ونواياهم، بل إلى خطوات جريئة تقطع مع كل التعثرات التي تقف حجرة عثرة في وجه أي إقلاع محتمل لقطاع تنخر هياكله، مشاكل ذاتية وموضوعية تواصلت بحدة خلال الموسم الدراسي الحالي. هذه التعثرات "لم يستطع الوزيران السابق والحالي، تجاوزها" تؤكد فرح العوان أستاذة التعليم الابتدائي بتاونات، التي تتوقع مزيدا من التعثر مع قانون الإضراب والاقتطاعات، متمنية أن تتعامل الحكومة، مع مطالب الشغيلة ب"قليل من الموضوعية والرزانة، لا بلغة العصا الكفيلة بتفاقم الوضع". وتؤكد أن الوزارة السابقة "تركت احتقانا كبيرا في الساحة، ما زلنا نعانيه إلى يومنا، في ظل المخطط الاستعجالي وعدم الالتزام بنتائج الحوار الاجتماعي"، متحدثة عن "بعض التدارك الطفيف" جاءت به الوزارة الحالية، خاصة مع إلغاء برنامج بيداغوجيا الإدماج، الذي "لا يرقى إلى تطلعات الشغيلة". هذا الوضع برأيها "تترجمه كثرة الإضرابات التنديدية بما آلت إليه الأوضاع مع الاستهتار بمطالب الشغيلة بكل فئاتها خاصة السلم التاسع والمجازين الملحقين، فيما ثمن زميلها سمير اشطيطة العامل بالنيابة ذاتها، توقيف العمل ببيداغوجيا الإدماج، رغم المبالغ الباهظة التي صرفت عليها. ويرى أن هذا التوقيف "هو عين الصواب، لما خلفته من احتجاجات"، متأسفا لعدم فتح تحقيق نزيه في ما صرف وتقديم المسؤولين إلى المحاكمة، مؤكدا أن تمرير قانون الإضراب، خطوة لتهييء الأرضية لإقبار العمل النقابي، الذي تزايد التضييق عليه و"القمع غير المبرر لاحتجاجات الشغيلة التعليمية". وبرأيه فحذف العطل الجهوية، "أمر مطلوب"، اعتبارا لأن "توزيعها لم يكن يتم وفق الأهداف التي وضعت من أجلها"، ضاربا نموذجا بجهة تازة الحسيمة تاونات كرسيف، التي بنظره "كانت تبرمج هذه العطل نهاية أبريل أو بداية ماي، لإفشال احتفالات الشغيلة بفاتح ماي". وتحدث اشطيطة عضو المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للتعليم (إ. م. ش) بتاونات، عن انخفاض نسبي في عدد أيام الإضراب للاستجابة لبعض المطالب خاصة ما جاء به اتفاق 26 أبريل 2011، الذي "ما زلنا ننتظر تفعيله، على علة ما تضمنه"، ووعود قدمها الوزير الجديد للنقابات. ويرى جمال بوزيتون، أستاذ سد الخصاص، أن الإضراب انعكس سلبا على المردودية التعليمية، وأثر على الزمن المدرسي للتلميذ المتضرر من التحصيل العلمي والمعرفي، إذ "لم تتسن له الدراسة الحقيقية داخل حجرات الدرس، إلا ساعات معدودة، لكثرة الإضراب والعطل الرسمية وغير الرسمية". ويقول إن بعض رجال التعليم يتخذون من الإضراب، "فرصة مواتية لأخذ العطلة، وترك أبنائنا عرضة للضياع"، ما "يضر بالتعليم العمومي في الصميم ويفتح المجال للمدارس الخصوصية ومن له القدرة المالية والظرف والحيثيات المتاحة، عكس من يوجد بالعالم القروي حيث تطرح قضية تكافؤ الفرص». ويؤكد بأن المشكل الحقيقي في المدرسة العمومية، هو "الخصاص المهول في الأطر التربوية والنقص الكبير في الأساتذة، ما ينعكس سلبا على التحصيل الدراسي ويساهم في حرمان العديد من التلاميذ، من حقهم في التمدرس خاصة بالعالم القروي، ويؤدي إلى إرهاق الشغيلة بشكل كبير". ويتحدث اشطيطة عن أسباب كثيرة ساهمت في تدني مستوى التحصيل لدى التلاميذ ومستواهم الدراسي، أبرزها "عيوب الخريطة المدرسية التي تقضي بإلحاق التلاميذ بالفصول الموالية رغم نقطهم الضعيفة، التي لا تؤهلهم للنجاح، كأبرز سبب في الحضيض الذي وصله مستوى التلاميذ. وإن كان الوزير الحالي أقر بوجود خصاص يصل إلى 15 ألف منصب شغل لم يعالجه القانون المالي للسنة الحالية، فهذا النقابي اختار تاونات نموذجا للبرهنة على تأثير ذلك على تحصيل التلاميذ، الذين لم يلتحق بعضهم بالمدارس خاصة بمناطق بدائرة غفساي، إلا في بداية مارس الماضي. ويستند زميله جمال بوزيتون، إلى تصريح للنائب الإقليمي للوزارة بتاونات، تحدث فيه عن نقص في الأطر التعليمية، وصل خلال هذا الموسم، إلى 238 أستاذا، ما يعقد واقع التعليم بالإقليم ذي الطابع القروي، في ظل وجود تقصير واضح لتدارك هذا الوضع ولعدم وجود مدارس خصوصية بديلة. كل ذلك بنظره يزداد استفحالا مع كثرة "الأمراض المهنية" و"تدهور ظروف العمل بالقطاع، من قبيل الأقسام المشتركة والافتقار إلى أبسط شروط الصحة"، في حين "تقف الوزارة الوصية، مكتوفة الأيدي حيال هذه الوضعية"، مؤكدا أنه آن الأوان لاتخاذ تدابير حقيقية وسد الخصاص وإنقاذ المدرسة العمومية. وتحدث سمير اشطيطة عن وضع متردي توجد عليه البنيات التحتية للعديد من المؤسسات التعليمية، واكتظاظ غير مسبوق، يشرعن حشر أكثر من 50 تلميذا داخل القسم الواحد، و»التدبير العشوائي والارتجالي للمتوفر من الموارد البشرية»، مشيرا إلى وجود محظوظين مستفيدين. ودعا إلى ضرورة وجود إرادة سياسية حقيقية وواضحة للنهوض بالتعليم، ومحاسبة المتورطين في إهدار المال العام، بعد أن أضحى القطاع «ورشا للتجارب وصرف الملايير دون رقيب ولا حسيب، والتنزيل الفوقي للبرامج والمناهج والمخططات التي تهمه دون إشراك هيأة التدريس في ذلك». وتحدث عن حلول ترقيعية لإنقاذ الموسم من البياض، بالاعتماد على أساتذة سد الخصاص دون تمكينهم من الحد الأدنى من حقوقهم، مؤكدا أن الموسم لا يختلف عن سابقيه إلا عبر «نوعية الفضائح التي تطفو على السطح»، و»لن ننتظر غير التواضع والانحطاط أكثر من ذلك الذي وصل إليه القطاع».

حميد الأبيض / الصباح
الصورة من: www.ilmaroc.com/vb/showthread.php?t=1225

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة