الأحد، 22 أبريل 2012

الإفريقي: متى كانت تلفزتنا حداثية حتى يُعِيدها الخلفي مُتطرفةً؟






• انتصار الخلفي في معركة دفاتر التحملات سيؤسس لثورة حقيقية في الإعلام العمومي
• وزير الاتصال يمثل حزبا اختارته صناديق الاقتراع، وتصوره للإعلام العمومي يعكس المبادئ التي اختارته من أجلها الأغلبية الناخبة
• هل كان التلفزيون المغربي يوما ما حداثيا، ومنفتحا وتعدديا وجاء مصطفى الخلفي ليعيده متخلفا ومتطرفا وسلفيا؟
قالت الإعلامية فاطمة الإفريقي إن هزيمة حكومة عبد الإله بنكيران في فرض دفاتر تحملات القطب العمومي واستسلامها للضغوط ، يعني أن قواعد اللعبة السياسية لم تتغير وأن السلطة الحقيقية تمتلكها حكومة الظل فخسارة معركة دفاتر التحملات تضيف الإفريقي في حوار مع "هسبريس" هي خسارة للديموقراطية.
وأضافت صاحبة برنامج "مساء الفن" أن دفاتر التحملات قدمت تصورا دقيقا وشاملا لوظائف تلفزيون عمومي على مستوى الأخبار والإنتاج والبرمجة والأخلاقيات، وستجيب على انتظارات ومطالب المهنيين واحتياجات المشاهد، وترسم قواعد جديدة وشفافة للحكامة تضع حدا لأسلوب الانتقائية والمحسوبية الذي كان سائدا من قبل في صفقات الإنتاج مع الشركات.
أثير نقاش كبير حول دفاتر التحملات الخاصة بقطب الإعلام العمومي، كيف ترى الإعلامية فاطمة الإفريقي هذا الجدل؟
النقاش المفتعل حول دفاتر تحملات قنوات القطب العمومي وردود الأفعال الرافضة والمناهضة، تعيد طرح السؤال الحارق والمستعصي وهو من المتحكم الفعلي في السياسة العامة للتلفزيون العمومي؟ هل هي وزارة الاتصال؟ أم الهيئة العليا للسمعي البصري؟ هل المواطن من خلال المؤسسة التشريعية؟ هل هم المهنيون؟ أم أن هناك مايسترو شبح هو الذي يحرك كل هذه الأطراف وهو الذي أمرها بأن تخرج في نفس الوقت لتعزف نفس الإيقاع واللحن بهذا التناغم البديع.
تطرحين هنا سؤالا كبيرا هو من بيده مفاتيح الإعلام العمومي؟
من الناحية القانونية، وفي إطار المبادئ العامة للدستور الجديد الذي صفق له طويلا التلفزيون، فوزير الاتصال يمارس اختصاصاته التي يخولها له القانون، وقدم مشروعا إصلاحيا للتلفزيون يكرس مبدأ الخدمة العمومية والتعددية والمهنية والشفافية كما جاء في الدستور.. لكن ما نراه من ردود فعل من وزراء في الائتلاف الحكومي ومن مديري المؤسسات الاعلامية يفضح عبثية المشهد السياسي ..
وما هي قراءتكم لهذه الدفاتر كمهنيَّة في القطب العمومي؟
من الناحية المهنية فدفتر تحملات القناة الأولى مثلا والذي يهمني شخصيا كصحفية مهنية بهذه القناة، قد قدم تصورا دقيقا وشاملا لوظائف تلفزيون عمومي على مستوى الأخبار والإنتاج والبرمجة والأخلاقيات، ويجيب على انتظارات ومطالب المهنيين ويلبي احتياجات المشاهد، ويرسم قواعد جديدة وشفافة للحكامة تضع حدا لأسلوب الانتقائية والمحسوبية الذي كان سائدا من قبل في صفقات الإنتاج مع الشركات. لكن تخوفي هو في صعوبة تنزيل مضامين دفاتر التحملات على المدى القريب بسبب غياب هيكلة إدارية عملية وبسبب الإرث الثقيل الذي لازال يسكن بعض العقليات على مستوى الجرأة والانفتاح على الراي الاخر وقبول التعددية ..
المنهجية التي اعتمدتها الوزارة كانت إحدى النقاط التي شدد عليها رافضو الدفاتر، ما الجديد في نظركم في هذه المنهجية؟
على مستوى منهجية إعداد دفاتر التحملات فوزارة الاتصال ولأول مرة تشرك كل الفاعلين من مسيرين ومهنيين ونقابات وجمعيات في تقديم تصوراتهم حول دفاتر التحملات.
وفي هذا الإطار أؤكد أننا كجمعية مغربية لمهنيي الاذاعة والتلفزة، قدمنا مذكرة شخصنا خلالها الوضع للشركة الوطنية للاذاعة والتلفزة، وقدمنا تصورنا كمهنيين للإصلاح الذي نريده وكذا تصورنا لدفاتر التحملات التي تضمنت بعض مطالبنا و مقترحاتنا .
منتقدو الدفاتر يعطونها قراءة سياسية وإيديولوجية أكثر منها قراءة مهنية كيف ترين هذا الأمر؟
أعتقد أنه من الناحية السياسية، إذا أردنا أن نحترم شروط اللعبة السياسية الديمقراطية وإذا كنا فعلا ديمقراطيين كما ندعي، فوزير الاتصال يمثل حزبا اختارته صناديق الاقتراع، وصوتت على مشروعه السياسي والمجتمعي، وحتى الأخلاقي، وتصوره للإعلام العمومي يعكس المبادئ التي اختاره من أجلها الأغلبية الناخبة، إذن فليس من المنطقي أن يكون وزير الاتصال هو المسؤول عن سياسة التلفزيون وهو الذي يحاسب عليها أمام البرلمان والشعب وان لا تكون له سلطة على توجهات واختيارات ومسيري ومديري، هذه المؤسسة العمومية.
لكن من المبررات التي صاغها منتقدو دفاتر التحملات أنها تسعى إلى تغيير هوية القناة التي كانت في نظرهم حداثية ومع هذه الدفاتر ستصبح متخلفة؟
أنا أتساءل هل كان التلفزيون المغربي يوما ما حداثيا، ومنفتحا وتعدديا وجاء مصطفى الخلفي ليعيده متخلفا ومتطرفا وسلفيا ؟، ومتى كان التلفزيون المغربي يمتلك هوية واضحة ؟..السؤال الحقيقي الذي يجب طرحه لا يهم ظلامية أو تنور دفاتر التحملات ..السؤال الحقيقي هو ماذا نريد فعلا؟ هل نريد تلفزيونا عموميا تضع سياسته العامة حكومة منتخبة نحاسبها في البرلمان وصناديق الاقتراع أم تلفزيونا تسيره أطراف غير مرئية خارج المراقبة والمحاسبة وتتحكم في توجهه السياسي والثقافي حسب مصالحها الضيقة؟
أليس من الأجدى أن نفتح نقاشا عموميا حول مدى احترام الدفاتر لمبادئ الخدمة العمومية والتنوع الثقافي والتعددية بذل مناقشة الصلاة واحتساب ساعات البرامج الدينية ودرجات التعاسة والفرح، ولا تنسى انه رغم دفاترهم القديمة المليئة بالحداثة والانفتاح والسعادة فقد تم تصنيفنا من أتسع شعوب العالم.
معنى هذا أنك مع ضرورة أن يمارس وزير الاتصال صلاحياته كاملة؟
مع احترامي لكل الآراء والانتقادات لدفاتر التحملات ومع تفهمي لكل التخوفات فالمبدأ الأساسي الذي يجب أن نتفق عليه مهما اختلفنا، والذي علينا أن نتجند جميعا للدفاع عنه هو حق مصطفى الخلفي في ممارسة سلطته الدستورية كوزير للاتصال في حكومة منتخبة.. فإذا انتصر في هذه المعركة الشرسة فإننا نؤسس لثورة حقيقية في التلفزيون المغربي ونحرره من قبضة اللوبيات غير المرئية، وإذا فرض أو تركناه يفرض، كما فرض من قبل على العربي المساري ومحمد الأشعري رغم مشروعهما الإصلاحي المتطور فهي هزيمتنا جميعا سواء كنا حداثيين أو سلفيين معربين كنا أو مفرنسين، وهي هزيمة للدستور الجديد وللإصلاحات السياسية، ودليل آخر على أن 
المغرب لم يتغير وان الانتقال الديمقراطي مجرد شعارات.
أفهم من كلامكم أن ربح معركة الدفاتر هي ربح للديمقراطية؟
أجل أؤكدها مرة أخرى .. اذا انهزمت حكومة بنكيران في فرض دفاتر تحملات القطب العمومي واستسلمت للضغوط ، فهدا يعني أن قواعد اللعبة السياسية لم تتغير وأن السلطة الحقيقية تمتلكها حكومة الظل ..فخسارة معركة دفاتر التحملات هي خسارة للديموقراطية واذا سكتنا اليوم ، فلا نستغرب غدا إذا ما وصل الحداثيون إلى السلطةالتنفيذية، عبر صناديق الاقتراع ورغبوا في تطبيق برنامجهم السياسي، وتصوراتهم للإعلام والتلفزيون، فسيخرج نفس المايسترو الخفي وسيحرك نفس الأطراف وسيدعمهم ببعض الأئمة والدراويش الصوفيين، ليعزفوا نفس اللحن بنفس البراعة وينتفضون ضد دفاتر التحملات العلمانية التي تشجع على الانحلال والفجور والرذيلة والتبعية للغرب.. وآنذاك لن تنفعنا حكمة ابن المقفع "لقد أكلت يوم أكل الثور الابيض".


حاورها: محمد بن الطيب
السبت 21 أبريل 2012
هسبريس

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة