الجمعة، 27 يوليو 2012

فى الذكرى الخامسة والعشرين لرحيله.. هل يسمح "ناجى العلى" لـ"حنظلة" بأن ينظر إلينا بعد الربيع العربى؟



"بالصدفة أصبحت رسام كاريكاتير، كان لدى توجه فى بداية شبابى لأن أتعامل مع المسرح، كنت أريد أن أصرخ بالكلمة التى تنقل مشاعرى وإحساساتى.. دفعتنى الظروف للعمل فى المجال الصحفى واكتشفت أن الكاريكاتير هو الأداة المناسبة للتوصيل..." بهذه الحروف القليلة يرسم الفنان الكاريكاتير الكبير الراحل الفلسطينى ناجى العلى، بداية حياته، وبداية علاقته بسلاحه الذى لم يقاومه سوى الاغتيال بالرصاص فى لندن 23 من يوليو لعام 1987. يقول ناجى العلى متحدثًا عن نفسه "لم أكن فلسطينيًا خالصًا فى حياتى الشخصية والثقافية. صار مضمون الانتماء الفلسطينى بالنسبة لى لباً يأخذ أشكالاً قومية وإنسانية عامة. هذا شعور وليس قرار.. هذا الشعور استمر عندى حين كانت تقوى النزعات القطرية وتشتد عند الناس العديدين المحيطين بى، كان أحدهم يكتشف فجأة أنه لبنانى أو فلسطينى أو سورى، أنا كنت دائماً أقاوم هذا التشتت لأننى كنت أرى دائمًا مجالاً لشعور إضافى غامر يتمثل فى وحدة أهدافنا جميعاً".

لقد شكل عملى فى صحيفة السفير فى بيروت عام 1971 الجزء الأهم والأكثر إنتاجًا من مسيرتى. هناك واجهت بقلمى كل يوم ما يحيط بى من عنف من قبل عدة جهات وآخرها الغزو الإسرائيلى على لبنان. لم أشعر بالخوف، الفشل أو اليأس، ولم أستسلم. واجهت الجيوش برسومى الكاريكاتيرية ولوحات عن الأزهار والأمل والرصاص. أجل، إن الأمل ضرورى دائمًا. عملى فى بيروت جعلنى مرة أخرى قريبًا من اللاجئين فى المخيمات والفقراء المسحوقين.

وعندما سئل عن موعد رؤية وجه حنظلة أجاب: عندما تصبح الكرامة العربية غير مهددة وعندما يسترد الإنسان العربى شعوره بحريته وإنسانيته، ومع ذلك يبقى التعب الأكبر وهو مواصلة المشوار بكل ما فيه من تناقضات وهموم ويبقى فى الأعماق تعب الوطن ذلك الذى يبشر به حنظلة بكثير من الأمل.."أسميته حنظلة كرمز للمرارة، فى البداية قدمته كطفل فلسطينى، لكنه مع تطور وعيه، أصبح له أفق قومى ثم أفق كونى إنسانى.."..ليبقى السؤال: هل يسمح ناجى العلى الآن لـ"حنظلة" بأن ينظر إلينا ونرى وجهه بعدما مر علينا الربيع العربى؟ 

و"حنظلة".. شخصية ابتدعها ناجى العلى تمثل صبياً فى العاشرة من عمره، ظهرت فى الكويت عام 1969 فى جريدة السياسة الكويتية، أدار ظهره فى سنوات ما بعد 1973 وعقد يداه خلف ظهره، وأصبح حنظلة بمثابة توقيع ناجى العلى على رسوماته. لقى هذا الرسم وصاحبه حب الجماهير العربية كلها وخاصة الفلسطينية لأن حنظلة هو رمز للفلسطينى المعذب والقوى رغم كل الصعاب التى توجهه فهو شاهد صادق على الأحداث ولا يخشى أحد.

ويوضح "العلى" أن مهمة الكاريكاتير ليست إعلامية مجردة، بل مهمة تحريضية وتبشيرية، تبشر بالأمل والمستقبل، وعليها واجب كسر حاجز الخوف بين الناس والسلطة، ومهمة الكاريكاتورى تعرية الحياة بكل معنى الكلمة... الكاريكاتير ينشر الحياة دائماً على الحبال وفى الهواء الطلق وفى الشوارع العامة، إنه يقبض على الحياة أينما وجدها لينقلها إلى أسطح الدنيا حيث لا مجال لترميم فجواتها ولا مجال لتستر عوراتها..هذا الفن يجب أن يكون عدوانياً على موضوعاته على وجه الخصوص، قد يكون صديقاً حميماً على من يتعاملون معه لكنه صديق مشاكس..صديق لا يؤمن جانبه.

ولا يزال يكتنف الغموض اغتيال ناجى العلى، حيث يرى كثيرون أن هناك جهات مسئولة مسئولية مباشرة، الأولى الموساد الإسرائيلى، والثانية منظمة التحرير الفلسطينية كونه رسم بعض الرسومات التى تمس القيادات آنذاك، أما قضية الاغتيال إن جاز التعبير قد تنتهى بفرضية التصفية أو بعض الأنظمة العربية الرجعية مثل سوريا بسبب انتقاده اللاذع لهم.

وقد وقع الاغتيال حينما أطلق شاب مجهول النار على ناجى العلى على ما أسفرت عنه التحقيقات البريطانية ويدعى بشار سمارة وهو على ما يبدو الاسم الحركى لبشار الذى كان منتسبا إلى منظمة التحرير الفلسطينية ولكن كان موظفًا لدى جهاز الموساد الإسرائيلى، فأصابه تحت عينه اليمنى، ومكث فى غيبوبة حتى وفاته فى 29 أغسطس 1987، ودفن فى لندن رغم طلبه أن يدفن فى مخيم عين الحلوة بجانب والده وذلك لصعوبة تحقيق طلبه. قامت الشرطة البريطانية، التى حققت فى جريمة قتله، باعتقال طالب فلسطينى يدعى إسماعيل حسن صوان ووجدت أسلحة فى شقته لكن كل ما تم اتهامه به كان حيازة الأسلحة. تحت التحقيق، قال إسماعيل أن رؤساءه فى تل أبيب كانوا على علم مسبق بعملية الاغتيال. رفض الموساد نقل المعلومات التى بحوزتهم إلى السلطات البريطانية مما أثار غضبها وقامت مارغريت تاتشر، رئيسة الوزراء حينذاك، بإغلاق مكتب الموساد فى لندن.

لم تعرف الجهة التى كانت وراء الاغتيال على وجه القطع. واختلفت الآراء حول ضلوع إسرائيل أم منظمة التحرير الفلسطينية أو المخابرات العراقية أو أنظمة عربية رجعية كسوريا. ولا توجد دلائل ملموسة تؤكد تورط هذه الجهة أو تلك.

يتهم البعض إسرائيل بالعملية وذلك لانتمائه إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التى قامت إسرائيل باغتيال بعض عناصرها كما تشير بعض المصادر أنه عقب فشل محاولة الموساد لاغتيال خالد مشعل قامت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية بنشر قائمة بعمليات اغتيال ناجحة ارتكبها الموساد فى الماضى وتم ذكر اسم ناجى العلى فى القائمة.

يتهم آخرون منظمة التحرير الفلسطينية وذلك بسبب انتقاداته اللاذعة التى وجهها لقادة المنظمة. بحسب تقرير للبى بى سى فإن أحد زملاء ناجى العلى قال إن بضعة أسابيع قبل إطلاق النار عليه التقى بناجى العلى مسئول رفيع فى منظمة التحرير الفلسطينية، وحاول إقناعه بتغيير أسلوبه فقام ناجى العلى بعد ذلك بالرد عليه بنشر كاريكاتير ينتقد ياسر عرفات ومساعديه، ويؤكد هذه الرواية شاكر النابلسى الذى نشر عام 1999 كتابا بعنوان "أكله الذئب" كما يدعى أيضا فى كتابه أن محمود درويش كان قد هدده أيضا ويورد مقتطفات من محادثة هاتفية بينهما كان العلى قد روى ملخصها فى حوار نشرته مجلة الأزمنة العربية (عدد 170 /1986/ ص14).

حنظلة أشهر شخصية كاريكاتيرية
بلال رمضان 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة