الأربعاء، 23 مايو 2012

المراكز الجهوية للتربية والتكوين..«سلاح » الحكومة ضد التوظيف المباشر



اختلفت حولها الآراء بين مرحب ومعارض ومتحفظ ومتردد ومشترط

لازالت المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، التي ستفتح أبوابها في الموسم الدراسي المقبل، لاستقبال أزيد من 8000 طالب وطالبة، تثير جدلا وتباينا في الآراء
حول أهدافها والقيمة المضافة التي ستضيفها إلى المنظومة التعليمية وحول الغاية من إحداثها.
اختلفت تصريحات المهتمين وشركاء وزارة التربية الوطنية وتباينت حول أهداف ووظيفة المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، المنتظر أن تفتح أبوابها في الموسم الدراسي المقبل، لاستقبال أزيد من 8000 طالب وطالبة، ولو أن الكل أجمعوا أن محمد الوفا، الوزير المسؤول، كان  شجاعا وجريئا عند رفضه التوظيف المباشر للأطر التربوية، حيث أكد أن استمرار العملية سيؤدي إلى تدهور الوضع التعليمي، باعتبار أن الموظفين في أسلاك التعليم المدرسي لا يتوفرون على أدنى تكوين تربوي. وكانت ثاني ضربة مفجعة يوجهها إلى الحكومة السابقة التي كان على رأسها أمين عام حزبه عباس الفاسي، بعد قرار تجميد العمل بيداغوجيا الإدماج.
فبين مرحب ومعارض ومتحفظ ومتردد ومشترط.. توافقت وتضاربت ألسنة هذه الفئة التي أحبطت، بسبب تعثر المشاريع الإصلاحية التي أطلقتها الحكومات السابقة. وينتظر معظم المهتمين افتتاح هذه المراكز، التي ستنجز في كل جهات المملكة. كما ستنجز ملحقات لها داخل بعض الأقاليم باقتراح من مدراء أكاديميات التربية والتكوين. وستحتوي المراكز على ثلاثة أسلاك، هي سلك تأهيل أطر هيئة التدريس وسلك تحضير مباريات التبريز وسلك تكوين أطر الإدارة التربوية والدعم الإداري التربوي والاجتماعي، علما أن الوزير سبق أن أشار، في لقائه الصحافي الأخير، إلى أن الوزارة الوصية ستتوفر في الموسم الدراسي المقبل على ما يقارب 15 ألف منصب شغل، منها 7200 سيلتحقون بالتدريس في الموسم الدراسي المقبل والذين يخضعون حاليا للتكوين الأساسي في مراكز التكوين، إضافة إلى 8000 منصب سيخصص للذين سيلتحقون في شهر شتنبر المقبل بهذه المراكز المحدثة، وأن المراكز الجديدة ستساهم، على مدى العشر سنوات المقبلة، في تعزيز قدرات حوالي 100 ألف أستاذ وأستاذة يعملون حاليا، في الجوانب البيداغوجية، وتساعدهم على مواجهة بعض الظواهر الشاذة التي برزت مؤخرا داخل المؤسسات التعليمية.

نقابة التعليم العالي تدعم المبادرة
شددت النقابة الوطنية للتعليم العالي على ضرورة إشراكها في كل القضايا ذات الصلة بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، باعتبارها مؤسسات لتكوين الأطر العليا تسري عليها مقتضيات القانون 01.00، المتعلق بتنظيم التعليم العالي. وعبّرت النقابة، في بيان لها، عن استعدادها للمساهمة في إنجاح كل عمليات إرساء المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، مؤكدة عزمها على تنظيم يوم دراسي في الموضوع في الرباط يوم الخميس، 31 ماي 2012.
وجاء قرار النقابة، التي توحدت داخلها مجموعة من النقابات وتبرأت من كل ما اعتبرته «تأويلات أو توظيفات مغرضة له»، وعبرت عن أسفها لعدم التعاطي الإيجابي لكل الجهات مع مضامين بيان فروع النقابة الوطنية للتعليم العالي، المبني على رؤية واضحة المعالم غايتها التحقيق الأمثل لأهداف إحداث المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين. كما أن المكتب الوطني للجمعية الوطنية لمديرات ومديري الثانويات العمومية في المغرب أشار، في بيان له، إلى جملة من المطالب، منها إعادة النظر في المرسوم المنظم للمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين وجعله ملائما للوضع الجديد والمطلب الأساسي لهيئة التدبير الإداري والتربوي، بمنحها إطارا مع حذف عبارة «كلما دعت الضرورة إلى ذلك» في المادة الـ31 من المرسوم.

الـ«ك. د. ش.» غير مقتنعة بمشروع الوفا
صرح العديد من أعضاء المكاتب الإقليمية والمكتب المركزي للجامعة الوطنية للتعليم، التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بأنهم لم يروا في ما صدر عن الوزير الجديد «إلا امتداد للذين سبقوه»، واصفين خطاباته بالشعبوية وأن القرارات  الصادرة عنه إلى اليوم «لا تبشر بخير وتنم عن الارتجالية والجهل المطلق بأهمية القطاع ومشاكله الحقيقية»، وقالوا إن الوزير لم يقدم أي قيمة مضافة تشرح الغايات والأسباب الدافعة إلى تنزيل هذه المراكز. فالمفروض فيها أن تكون تحت وصاية التعليم العالي، بحكم طبيعة التكوين والمكونين داخلها. وتساءلوا كيف يمكن للوزير أن يدرُس في ظرف قياسي مشاكل القطاع ويضع لها حلولا، وانتقدوا شرط التوفر على الإجازة كحد أدنى لولوجها، بـ»القرار المجحف»، الذي سيقطع الطريق، بلا شك، على أبناء الفقراء الذين لا يملكون الإمكانيات لاستكمال مسارهم الدراسي. كما أشار بعضهم إلى أن بعض المدرسين في مركز التكوين حاليا هم دون مستوى وأقل تكوينا من الطلبة.. وتساءلوا كيف لمدرّس غير متخصص أن يعالج ظواهر اجتماعية (الهدر المدرسي، العنف المدرسي).. أسبابها خارج المدرسة، مؤكدين أنهم ينتظرون وضوح الرؤية لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وأن «الكدشيين» وذرع نقابتهم التعليمية (الجامعة الوطنية للتعليم) سبق أن أكدوا، في العديد من المناسبات، أنهم اتخذوا شعار الدفاع عن المدرسة العمومية، لإيمانهم القوي بأن التعليم هو قطار كل تنمية وأن الرأسمال البشري هو أساس كل تقدم. وجاء على لسان بعض أعضاء المكتب المركزي أنهم «تصدوا لكل السياسات الترقيعية التي تبنتها الحكومات المتعاقبة، والتي كان آخرها ما سمي المخطط الاستعجالي، والذي كانت الـ»ك. د. ش.» النقابة الوحيدة التي رفضته».
المركز المغربي للتربية المدنية يثمن المبادرة
اعتبر  العربي عماد، مدير المركز المغربي للتربية المدنية،  أن «وظيفة المراكز الجديدة تندرج في إطار تفعيل ربط التربية والتكوين بالواقع السوسيو ثقافي والسوسيو اقتصادي للمتعلم، من أجل جعله قادرا على استيعابه والتحكم فيه وتجاوزه»، وأنها تأتي كثمرة للجهود التقييمية الموضوعية لحصيلة التربية والتكوين التي كشفت من خلالها فعاليات تربوية مختلفة عن طبيعة أزمة المدرسة المغربية البنيوية.
وأضاف عماد أن الغاية منها هي رد الاعتبار إلى مؤسسة التكوين التربوي عبر جعلها أداة توحيد الرؤى التربوية ووسيلة لخلق خطاب متجانس، وفي ذلك تأكيد لمهننة مراكز مهن التربية والتكوين، القائمة على البعد العلمي الذي ينظر إلى الظاهرة التربوية في شموليتها، مراعيا أبعادها الزمانية والمكانية، ويراهن فيها على الفاعل التربوي، أيا كان تخصصه، ليحقق بذلك تقاطعا إيجابيا أفقيا وعموديا خدمة للفعل التربوي الهادف إلى تحقيق نقلة نوعية اجتماعيا. ومن شأن ذلك أن يجعل هذه المؤسسة وسيلة تنمية حقيقية ترسخ مبدأ الجهوية المنفتحة.
واشترط عماد  لتحقيق أهدافها توفير الموارد البشرية الملائمة للنهوض بهذه الوظيفة الجديدة، من مؤطرين تربويين وإداريين أكفاء، وتوفير العُدّة التربوية الملائمة لمواصفات خريجي هذه المؤسسة وتبني نظام تقويم علمي موضوعي يقوم أساسا على مبدإ الكفاءة التعددية. وأكد المتحدث نفسه أن ما سيعطي لهذا المراكز بعدا مستقبليا هو العمل على جعلها فضاء للبحث التربوي من أجل التأسيس لتربية مغربية تستمد خصوصيتها من فهم واقع التعلم وشروطه وكذا انفتاحها، على المستويين الوطني والدولي، لإغناء التجربة وتطويرها، فضلا على اعتماد بيداغوجيا المشروع في التكوين، على اعتبار أنها الآلية الأساسية لتفعيل الإصلاح  المرتقب من جهة وأنه الإطار المنهجي الأكثر ملاءمة لتنظيم وتفعيل مختلف الإجراءات التدبيرية والتربوية
 الهادفة إلى تحسين جودة التكوين التربوي.
الهيئة الوطنية للتعليم تتساءل

قال أحمد حرباشي، رئيس الهيئة الوطنية للتعليم، إن الهيئة، التي تلقت باهتمام صدور المرسوم الخاص بإحداث هذه المراكز، تتساءل عن الأسباب التي دفعت المشرّع إلى إغفال تكوين  أطر الدعم المادي والاقتصادي (هيأة التسيير والمراقبة المادية والمالية، إطار الممونين، إطار مفتشي المصالح المادية والمالية)، علما أن المرسوم تطرق لسلك تكوين أطر الإدارة التربوية وأطر هيئة الدعم الإداري والتربوي والاجتماعي. وعبّر المسؤول النقابي عن تخوفه من أن يتوج التكوين بالحصول على شهادة التأهيل التربوي الخاص بالمسلك موضوع التأهيل (المادة الـ25). وتكون هذه الشهادة في مستوى الشهادة الإدارية التي كان خريجو المراكز التربوية الجهوية (السابقة)  يحصلون عليها من مديرية الموارد البشرية، عوض أن يكون هناك دبلوم خاص يمنح للمتخرجين. وتساءل عن قيمة هذه الشهادة (شهادة التأهيل) وعن نوعية الأبواب التي ستفتحها لمتابعة الدراسة (مثلا) ومدى معادلتها شهادات أخرى، وطنية ودولية.
وأضاف حرباشي أنه سبق للهيئة أن طالبت بمراجعة نظام الجامعات المغربية وتزويدها بالمراكز السمعية -البصرية لتمكين الموظفين من متابعة دراستهم الجامعية عن بعد ودون تمييز، وبدون ترخيص، وبمراجعة نظام التكوين في جميع مراكز التكوين بما يتلاءم مع خصوصيات التعليم المغربي والزيادة في مِنـَح الطلبة -الأساتذة خلال فترة التكوين وفي المدارس العليا. كما طالبت الهيئة، وفق المتحدث نفسه، بضرورة إشراكها في وضع الأنظمة الأساسية ومراكز التكوين وإحداث مراكز لتكوين المديرين والحراس العامين وحراس الخارجية، مع إحداث إطار خاص وتفعيل مراكز الاستماع داخل المؤسسات التعليمية، الواردة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وتمكين خريجي مراكز التكوين من دبلوم التخرج واحتساب سنوات التكوين في التقاعد والتسوية المادية والإدارية للخريجين الجدد في أجَل أقصاه ثلاثة أشهر وإلغاء امتحان الكفاءة التربوية بالنسبة إلى خريجي مراكز التكوين، واحتساب الأقدمية العامة منذ تاريخ التوظيف، بدل تاريخ التسمية في السلم بالنسبة إلى المجازين خريجي مراكز تكوين المعلمين، وفتح المجال أمام أساتذة التعليم الابتدائي المجازين لولوج مراكز التبريز وإلغاء شروط الترشح لمراكز المفتشين وإحداث إطار مفتش التعليم الثانوي الإعدادي وفتح مراكز تكوين المفتشين في وجه جميع أساتذة الثانوي الإعدادي دون تمييز وإعادة فتح مراكز تكوين المفتشين في وجه أساتذة الثانوي التأهيلي وإحداث إطار واضح لخريجي مراكز التفتيش والحفاظ على الرتبة السابقة للناجحين وإحداث هيئة خاصة بالتكوين المستمر، تناط إليها مهمة الإعداد والإنجاز والتقويم والتتبع، والسماح لموظفي التعليم بتغيير القطاع حسب قاعدة الشهادة (قانون 67).

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة