السبت، 29 أكتوبر 2011

مجازون..ولكن..



مجازون..ولكن..جرت العادة في بلدان محترمة لمبادئ الديموقراطية والعدالة أن يكون الحصول على شهادة جامعية مفتاحا للترقي الوظيفي والإجتماعي.. أمر لا يتحقق بالضرورة بين ظهرانينا... فمجازنا وفور تخرجه يجد باب البطالة مشرعا على مصراعيه أمامه دون أبواب أخرى، يبقى ولوجها مقصورا على توفر شروط معينة ليست متاحة للجميع.. ليبدأ مشواره النضالي الطويل داخل مجموعات المعطلين، والتي سيتوفر له عبرها عرض متنوع من الضرب والرفس والسب والشتم والمهانة... مما يدفع بالعديدين إلى دخول مغامرات ما كانت لتحتاج إلى كل سنوات الكد والتحصيل والتحرش تلك، من قبيل بيع الديطاي والحراسة الليلية وغيرها... أما المجازون الموظفون فليسوا بالضرورة أحسن حالا من زملائهم المعطلين، إلا أن مشاكلهم من نوع ثان، فالموظف المجاز ظن يوما أن حصوله على شهادته الجامعية سيفتح أمامه أبواب الترقي وتغيير الإطار... إلا أن الوضع ليس بالسهولة التي ظنها، ولنأخذ مجازي التعليم نموذجا، وهم الذين يخوضون معارك نضالية من أجل إدماجهم في السلم العاشر منذ سنوات أنستهم مجهوداتهم الإستثنائية والذاتية للتحصيل خصوصا مع بعد مقرات عمل أغلبهم عن الكليات والمراكز الجامعية... إلا أن الرد يأتي سريعا من الوزارة: لا إدماج ولا تغيير للإطار.. رغم الخصاص المهول المسجل في الثانوي الإعدادي والتأهيلي في المواد جميعها دون إستثناء.. ورغم إدماج مجازين آخرين بشكل مباشرفي أسلاك الإعدادي وهذا ضرب لمبدإ تكافؤ الفرص.. في حين يبقى صاحبنا في زنزانته التاسعة وهو الحامل لإجازة ما سوات والو.. ولأقدمية سنوات من العزلة والمعاناة بمناطق نائية.. كل ذلك، وما داها فيه حد..
ولندع إحتجاجات ومعاناة المجازين الغير المدمجين، لنتجه صوب المدمجين، وهم حالات متعددة، لكل معاناتها وشكواها. فهناك المشتكي من قرصنة سنوات خدمته المدنية، لا لشيء إلا أنه أداها بإدارة أخرى، في حين أن زميله أحتسبت له ورقي للدرجة الموالية، والسبب أن خدمته المدنية كانت بقطاع التربية والتعليم، وهو في الحقيقة تكريس لضرب مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص، وكأن الأول أداها لحساب بلد غير بلده... فما ذنب من أداها بالمندوبية السامية للمقاومة ولجيش التحرير أو بالإدارة الترابية؟ أوليست كلها إدارات عمومية وتخضع للأنظمة ذاتها؟
وهناك المشتكي من طول إقامته بالسلم العاشر لمدد ناهزت أحيانا العشرين سنة، في حين أن زملاءه بقطاعات أخرى كان مسارهم أكثر سلاسة، ووصلوا الدرجة الممتازة، وصاحبنا لم يراوح مكانه، ولم يستفد على مدى سنواته الطويلة ـ وهو المشرف على التقاعد ـ لا من ترقية ولا هم يحزنون.. ورغم الخطاب الحكومي المبشر بمكاسب الحوار الإجتماعي الأخير، إلا أن الأجرأة لاقت العديد من العراقيل والتأخيرات، مع العلم أن هاته المكاسب لا تعدو إلا حقوقا منتقصة للمعنيين، وهو ما أدى إلى شروع المجازين في إحتجاجاتهم.. فهلا أعفينا هؤلاء من معاناتهم؟ وعملنا على إنقاذ زمن أبنائنا المدرسي؟ فالزمن هو ذاك، لا غيره من المذكرات العقيمة التي لا تعدو غير صيحة في واد.. فالمجازون.. المجازون.. يرحمكم الله..

Slim975@gmail.com

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة