الأربعاء، 5 أكتوبر 2011

العابدة: عمليات مراقبة القطاع الخاص التي فاقت 2500 زيارة تفتيش أسفرت عن إغلاق أربع مؤسسات خصوصية


كاتبة الدولة قالت إن على الجميع زرع الثقة في المدرسة المغربية لأنها قضية حيوية

 
 
قالت كاتبة الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر  إنه لا ينبغي فقط النظر إلى النصف الفارغ من الكأس، بل كذلك الإقرار بما هو إيجابي وبما هو في طور التغيير
نحو الأفضل. فإذا كان البرنامج الاستعجالي، الذي لم ينته بعد، لم يتمكن من حل كل المشاكل، بتنويعاتها وتعقيداتها وتشعباتها، وهذا ما لم يكن منتظرا منه، فهو قد حقق طفرة نوعية في كل الواجهات، وخاصة في كل ما يتعلق بمواجهة المعيقات السوسيو -اقتصادية للتمدرس وتوسيع وتأهيل العرض التربوي وتجديد النموذج البيداغوجي وتطوير نظام الحكامة وتثمين الموارد البشرية وتقليص نسب الهدر المدرسي وتحسين نسب التمدرس لكل الفئات العمرية والرفع من نسب النجاح في الامتحانات.
- تحدثت، في كثير من اللقاءات، عن كون البرنامج الاستعجالي قد حقّق نتائج إيجابية، ما هي التحديات التي واجهتكم للوصول إلى هذه النتائج؟
> من البديهي أن كل ورش إصلاحي، وخاصة في القطاعات الاجتماعية كالتعليم، وعلى الأخص في إطار برنامج متعدد الأبعاد ومحكوم بضغط الزمن، كالبرنامج الاستعجالي، لا بد أن تواجهه العديد من التحديات في سبيل بلوغ الأهداف المتوخاة منه. فمهمة المسؤولين الفاعلين الإداريين والتربويين في القطاع لم تكن باليسيرة، بالنظر إلى مستوى الرهانات المطروحة وما يتعين القيام به في إطار البرنامج الاستعجالي. وأستحضر من بين هذه التحديات، وبعُجالة، تحدي تطوير قدرات الريادة وتملُّك منهجية الإصلاح من طرف الفاعلين داخل المنظومة، بما يتطلبه ذلك من تغيير جذري في ثقافة وأساليب ونمط العمل.
 فكما تعلمون، فقد ارتكز البرنامج الاستعجالي على منهجية التدبير بالمشروع والحكامة القائمة على ترسيخ المسؤولية، وهو ما تطلب جهدا ومثابرة وإصرارا من أجل ترسيخ هذه المقاربة في صلب الممارسة اليومية لكل المسؤولين على مختلف المستويات، المركزية والجهوية والإقليمية وعلى صعيد مؤسساتنا التعليمية. ثاني هذه التحديات هو ضمان انخراط مختلف الفاعلين الإداريين والتربويين في أوراش الإصلاح، والتي تطلبت من الجميع الرفع من إيقاع العمل وبذل جهود إضافية ترقى إلى مستوى سقف انتظارات البرنامج الاستعجالي وتسير وفق وتيرته، المتسارعة.
 ثالثها، هو توفير التعبئة المجتمعية حول ورش استكمال الإصلاح، والتي بدونها تبقى مجهودات الوزارة محدودة الأثر، فكما تعلمون، فورش الإصلاح هو ورش مجتمعي، يبقى نجاحه رهينا بتعبئة جميع الشركاء ومختلف تعبيرات المجتمع، وبمستوى الدعم الذي تلقاه المدرسة المغربية داخل محيطها، الذي تتأثر فيه وتتفاعل معه.  غير أننا، عموما، قد تمكّنّا من تحقيق تقدم ملموس في رفع هذه التحديات، وهو ما أتاح تحقيق النتائج المرحلية المشجعة التي توصلنا إليها، والتي يعكسها تحسُّن مؤشرات منظومتنا التربوية.
- كيف تعقبين على الانتقادات المتعلقة بفشل المخطط الاستعجالي (2009-2012) المتّبَع في مجال التعليم، والذي وصفه البعض بالمرتجل؟ خصوصا استمرار ظاهرة الاكتظاظ في الأقسام، الهدر المدرسي، الخصاص في الأطر التربوية وضعف البنيات التحتية؟..
> لو لم يكن الأمر يتعلق بالمدرسة، لقلت لك إن لكل واحد الحق في قراءة وتأويل عناصر الحصيلة كيفما يشاء، انطلاقا من الزاوية التي ينظر من خلالها إلى الأشياء، لكنْ، ونحن نتحدث عن قضية حيوية كهذه، قضية المدرسة المغربية التي دخلت منعطفا حاسما وحساسا يتطلب من الجميع بث الثقة في هذه المدرسة كنوع من أنواع الدعم، فسأقول إن واجب المواطَنة يفرض علينا، جميعا، أن نُشجّع كل بارقة أمل تربوية وأن نرفع من معنويات الفاعلين داخل المنظومة ومن حماس شركائها وأن نعمل على زراعة الأمل في النفوس وليس على زراعة اليأس، الذي يؤدي إلى إحباط العزائم. وأنا لا أقول هنا إنه لا ينبغي إثارة الانتباه إلى المشاكل التي ما تزال قائمة، ولكنْ من باب الموضوعية والإنصاف، يجب الاعتراف بالمجهودات المضنية للفاعلين التربويين، خاصة المتدخلين المباشرين منهم في الميدان، وبالنتائج التي يحققونها، ولو كانت جزئية، لتمكينهم من استرجاع الثقة في قدراتهم ولتحفيزهم على المزيد من العطاء، فلا ينبغي فقط النظر إلى النصف الفارغ من الكأس، بل ينبغي كذلك الإقرار بما هو إيجابي وبما هو في طور التغيير نحو الأفضل. فإذا كان البرنامج الاستعجالي، الذي لم ينته بعدُ، لم يتمكن من حل كل المشاكل، بتنويعاتها وتعقيداتها وتشعباتها، وهذا ما لم يكن منتظَرا منه، فهو قد حقق طفرة نوعية في كل الواجهات، وخاصة كل ما يتعلق بمواجهة المعيقات السوسيو اقتصادية للتمدرس وتوسيع وتأهيل العرض التربوي وتجديد النموذج البيداغوجي وتطوير نظام الحكامة وتثمين الموارد البشرية وتقليص نِسب الهدر المدرسي وتحسين نسب التمدرس لكل الفئات العمرية والرفع من نسب النجاح في الامتحانات. وأعتقد أنه على الجميع، كل من موقعه وكل بأسلوبه، العمل على تحصين المكتسبات ومواصلة التعبئة والجهد الجماعي لدعم هذه المسيرة الإصلاحية الحيوية بالنسبة إلى بلادنا. 
- ألن يطرح تعاقب الوزارة الجديدة أي مشاكل في معالجة ملف التعليم المدرسي الذي بدأتموه؟
> لا بد من الإشارة، أولا، إلى أن التعاقب على مراكز القرار هو أمر محمود ومرغوب فيه، وهو تقليد طبيعي يفسح المجال أمام خبرات جديدة ويُجسّد الديمقراطية الحقيقية بترجمته مبدأَي «التداول على السلطة» و«الجميع في خدمة الوطن»، فتغيير المسؤولين يترتب عنه، بالضرورة، اختبار تجارب ومقاربات جديدة، فهو، إذن، أمر ضروري وإيجابي، لكن مع ضمان استمرارية تنفيذ الاختيارات الإستراتيجية المحسوم فيها، بالطبع، وهو ما لن يطرح أي إشكال على مستوى قطاع التربية والتكوين لاعتبارين أساسيين، على الأقل. فأولا، هناك الاختيارات الإستراتيجية الكبرى التي تؤطر السياسة التعليمية والتي حصل فيها توافق وطني من طرف كل أطياف وفعاليات المجتمع المغربي قبل أزيد من 11 سنة خلت، في إطار الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وهي الاختيارات التي ما تزال سارية المفعول.. وإذا كان من تغيير سيحصل فسيتم ذاك على مستوى كيفية الأجرأة وأساليب التدبير وليس على مستوى التوجهات الإستراتيجية. ثانيا، هناك الترصيد واستمرارية العمل الإداري اللذان تضَمّنتهما الهياكل الإدارية القائمة من كتابة عامة ومسؤولين مركزيين وجهويين وإقليميين، إلى جانب الأطر والكفاءات المتوفرة في الإدارة، والتي راكمت تجربة غنية وعلى إلمام بتفاصيل ودقائق الملفات.
لهذه الاعتبارات، فلا أعتقد أن ثمة أدنى مشكل قد يقع، صراحة، على مستوى التداول على موقع صناعة القرار التربوي.
- يعاكس التوظيف المباشر في سلك التعليم الجودة المنشودة  (غياب التكوين).. كيف تعاملتم مع الظاهرة، خصوصا في السنوات الأخيرة؟
> يجب الإشارة إلى أن الوزارة لا تُقْدم على التوظيف المباشر لأطر التدريس إلا بعد استنفاد كل الإمكانات التي تتاح لها في إطار خريطة التكوين في مراكز تكوين الأطر التعليمية، والتي ترتبط، كما هو معلوم، بعدد المناصب المالية المخصصة للقطاع في إطار قوانين المالية، والتي تخُصّص، في معظمها، لتوظيف أطر التدريس، فالتكوين في هذه المراكز هو القاعدة الأساسية لولوج مهنة التدريس، ويظل التوظيف المباشر إجراء استثنائيا ومحدودا تفرضه ضرورة الإجابة عن بعض الحاجيات المُلحّة المترتبة عن الخصاص الطارئ في بعض المناطق. فالوزارة تجد نفسها أمام خيارين صعبين: إما أن تترك بعض الأقسام بدون مدرس أو في حالة اكتظاظ أو أن توفر مدرسا للتلاميذ المعنيين، ولو عن طريق التوظيف المباشر. وبطبيعة الحال، فالوزارة تختار الحل الأقل ضررا، وهو التوظيف المباشر، لكنْ، بالطبع، مع اتخاذ جميع الاحتياطات التي من شأنها ضمان توفير الحد الأدنى من شروط الجودة في عملية التوظيف المباشر. ومن بين هذه الإجراءات هناك، أولا، إحكام تأطير عملية التوظيف المباشر من انتقاء أولي ومباريات، لضمان الانتقاء الدقيق لأجود الكفاءات المتوفرة، وثانيا، إخضاع الناجحين لبرنامج تكويني لتأهيلهم لمزاولة المهام المُسنَدة إليهم في ظروف جيدة. ويشمل هذا البرنامج التكويني 180 ساعة من التكوين، تتوزع بين 60 و70 ساعة من حصص التكوين -الإدماجي المخصص لتمكينهم من الكفايات المعرفية والمهنية والبيداغوجية الأساسية قبل تسلمهم مهامَّهم، في حين يوظف الغلاف الزمني المتبقى (110-120 ساعة) لتمكينهم من تكوينات تتوزع على ثلاث فترات في بداية ووسط الموسم الدراسي، بمعدل 4 أو 5 أيام للتكوين، تخصص لتعميق معارفهم في بعض الحقول المرتبطة بمهنة التدريس، كـ»ديداكتيك» المواد ومناهج التدريس وكيفية التعامل مع الأقسام وما إلى ذلك. كما تخضع هذه الفئة لمصاحبة ميدانية أثناء مزاولة المهام عن طريق المواكبة من طرف أستاذ -وصي ومن طرف المفتش التربوي.
إضافة إلى كل ذلك، يتم تزويد مُدرّسي التعليم الابتدائي المبتدئين بحقيبة تربوية لمواكبتهم وإرشادهم وتسهيل اندماجهم المهني وإعطائهم الفرصة للتكوين الذاتي والاستقلالية وتطوير مهاراتهم وكفاياتهم المهنية، انطلاقا من استثمار محتويات الحقيبة التي تشمل العديد من المراجع الأساسية والوثائق التربوية، كالمرجعيات التربوية والبيداغوجية والتوجيهات التربوية والنصوص التشريعية وكل ما يتعلق بأخلاقيات المهنة والحياة المدرسية وبمجالس الأقسام ومناهج التعليم وغير ذلك، وقد تم نشر هذه الوثائق المرجعية في البوابة الإلكترونية للوزارة، تعميما للفائدة.
وأعتقد أن الحل الجذري لهذا الإشكال يكمن في التوفر المسبق على العدد الكافي من المناصب المالية في إطار خريطة استشرافية تستحضر الحاجيات المستقبلية للقطاع، قصد تهيئ الأجيال الجديدة من المُدرّسين وفق سيرورة تكوينية متينة في مراكز التكوين.
- دعت بعض جمعيات المجتمع المدني إلى إرسال لجن تفتيش من الوزارة إلى بعض المؤسسات التعليمية الخاصة، على غرار ما حدث في وزارة الصحة، هل ستأخذون هذه الدعوة على محمل الجد؟
> أود، بداية، أن أذكّر أن مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي تخضع، بموجب القانون رقم 00 /06 بمثابة النظام الأساسي للتعليم المدرسي الخصوصي، لنفس النظام المدرسي الذي يسري على مؤسسات التعليم العمومي، بجميع أسلاكها، من حيث الشروط اللازمة لولوج الأسلاك التعليمية ونظام الامتحانات. كما أنها ملزمة باحترام الحد الأدنى من معايير التجهيز والتأطير والبرامج والمناهج المُقرَّرة.
وهي تخضع في هذا السياق لنوعين من المراقبة، مراقبة تربوية تتوخى السهر على تقيُّد مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي بالبرامج والمناهج والتجهيزات والوسائل التربوية، وهو ما يتم من خلال الزيارات التي يقوم بها المفتشون التربويون لهذه المؤسسات، والتي نحرص على أن تتم، على الأقل، مرة واحدة في كل موسم دراسي وتخضع، من جهة ثانية، إلى مراقبة إدارية تشمل فحص الوثائق الإدارية ومعاينة مستخدميها التربويين والإداريين والتلاميذ وكذا المرافق الصحية ووسائل النقل وحسن سير الأقسام الداخلية، وتضطلع بهذه المهمة لجن المراقبة الإدارية والمصالح الإقليمية للأكاديميات الجهوية وهيأة الموظفين المحلّفين في مجال معاينة وزجر المخالفات المنصوص عليها في القانونين المنظمين للتعليمين الأولي والمدرسي الخصوصي. كما تخضع هذه المؤسسات، على مستوى آخر، إلى مراقبة الأعوان المكلفين بتفتيش الشغل من مفتشي ومراقبي الشغل والشؤون الاجتماعية ومفتشي ومراقبي القوانين الاجتماعية وغيرهم، طبقا لمقتضيات مدونة الشغل.
وبطبيعة الحال، فإننا نتخذ، على ضوء نتائج عمليات المراقبة، كل الإجراءات الضرورية، من بينها سحب الترخيص أو الإغلاق أو توقيف المدير عن ممارسة مهامه. فعلى سبيل المثال، وبرسم السنة الماضية، أسفرت عمليات المراقبة، التي فاق عددها 2500 زيارة تفتيش، عن إغلاق 3 مؤسسات  خصوصية، اثنتين لأسباب إدارية تتعلق بعدم التوفر على المواصفات التقنية الخاصة بمجال التعمير، وواحدة لأسباب تربوية تتعلق بإضافة سلك تعليمي بدون ترخيص وعدم احترام المسطرة المعتمَدة في منح نقط المراقبة المستمرة. كما تم توجيه إنذار لمؤسسة واحدة لمطالبة صاحبها بالتقيد بالشروط التربوية والإدارية اللازمة تحت طائلة الإغلاق. وقد أصدرنا، بتاريخ فاتح فبراير 2010،  قرارا لتحديد الإجراءات الإدارية التي يمكن اتخاذها من طرف الوزارة في حق المؤسسات المخالفة لأحكام القانون رقم 00 /06.
وآخر ما قمنا به في هذا الصدد، بتاريخ فاتح شتنبر الجاري، هو إصدار مذكرة تدعو فيها الوزارة إلى وجوب إعلان واجبات ورسوم التمدرس من طرف مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، تطبيقا لمقتضيات قانون حرية الأسعار والمنافسة، وتحث فيها الأكاديميات على تعزيز زيارات لجن المراقبة الإدارية مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي.
فنحن، إذن، نتحرك، في ضوء مقتضيات العلاقة التي تربطنا بقطاع التعليم المدرسي الخصوصي لتأطير وضبط هذا النوع من التعليم ونعمل باطّراد على تعزيز آليات وإجراءات مراقبته.
- قامت الوزارة، في غشت المنصرم، بتنقيلات لبعض رجال ونساء التعليم دون إشراك النقابات، مما دفع هذه الأخيرة إلى شجب هذه الانتقالات.. لماذا لم يتمَّ فتح المجال لكافة رجال ونساء التعليم ذوي الحالات الاجتماعية المماثلة للانتقال؟
> أود، بداية، أن أؤكد أن الوزارة جعلت من تثمين مواردها البشرية أحدَ رهاناتها وأولوياتها الإستراتيجية، بحكم الارتباط الوثيق بين تحسين المناخ الاجتماعي للعمل والرفع من المردود المهني للموظف. وفي هذا السياق، وارتباطا بملف الحركات الانتقالية، فإن الوزارة تعمل، قدْر المستطاع، على الاستجابة لطلبات الانتقال المعبَّر عنها في إطار الحركات الانتقالية الوطنية والجهوية، مع إعطاء الأولوية لطلبات التجمع العائلي، وتستثمر لذلك أقصى الإمكانات التي تتيحها خريطة الموارد البشرية، ولا أدلّ على ذلك من التحسن الملموس لنِسَب الاستفادة برسم السنة الحالية، التي ارتفعت مقارنة مع السنة السابقة، لتصل إلى 12 %، عوض 8.4 % بالنسبة إلى الحركة الانتقالية العامة وإلى نسبة 22 %، عوض 13.3 % بالنسبة إلى الالتحاقات بالأزواج... وكما يعلم الجميع، فإن هذه الانتقالات تخضع لمعايير متّفَق بشأنها مع الفرقاء الاجتماعيين للوزارة وتتم وفق مساطر مُحدَّدة ومعروفة.
حليمة بوتمارت 
المساء
 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة