الاثنين، 15 أكتوبر 2012

الصحفي حسن برهون أحد مؤسسي صحافة المواطنة الرقمية في المغرب




Image
حسن برهون وراء القضبان، صورة ملازمة لكل مناضل في بلد اسمه المغرب لم تصله بعد نسائم الحرية

 ألف بوست.- يشبه وجهه خريطة المغرب، فتجد البيضاء على ذقنه نقطة التقاء كل الطرق على هيئة فكين ناعمين، الحنك الواسع يعكس روح المرح والنكتة والشغف بالحياة.. ما بين ميلاده بالجنوب واستقراره بالشمال قصة مليئة بالتشويق والإثارة والنضال، قصة كان لها أثر واضح في تكوين شخصيته المثيرة للجدل، فبين رأي لا يرى فيه غير شخص مجنون ومهووس بالكاميرا، ورأي ثاني يرى فيه حقوقي كبير بجلباب الصحفي المتمكن الذي لا يتعب ولا يكل في فضح الفساد ونقل معاناة الشعب، ترتسم صورة الصحفي المثير حسن برهون الذي أسس رفقة آخرين ل"صحافة المواطنة الرقمية في المغرب" القريبة من هموم المواطنين وليس مثل صحافة الأريكة والسيجار.
حقوقي التكوين في جامعة فاس في التسعينات  أو جمهورية ظهرمهراز كما يطلق عليها، حيث تشبع بمبادئ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب الذي ناضل في صفوفه وتقاسم المدرجات مع أبرز مناضليه آنذاك. بعد حصوله على الإجازة في القانون بتفوق، سجل نفسه بالسلك الثالث بجامعة مولاي عبد الله بالرباط في مجال العلاقات الدولية، وهو الأمر الذي لم يتم نظرا لمقاطعة الدراسة التي عرفتها الجامعة لأول مرة في تاريخها.
برهون قبل أن يصير مشاكسا 
التحق سنة 1996 بمركز التكوين التابع للوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء، لكن شخصا مثل حسن مستقل بأفكاره ومواقفه كان مصيره الفصل  من شركة ستستعبد لاحقا سكان تطوان، اسمها أمانديس.
استقراره بعد ذلك بمدينة تطوان شمال المغرب وانخراطه في العمل الجمعوي والحقوقي جعله ينفتح على عالم جديد سيتفاعل معه حد التوحد فيه، لدرجة أنه سيطوع الكاميرا والصورة بشكل مختلف عن كل الذين سبقوه مدشنا أسلوبا خاصا به في التعاطي مع الأحداث، حيث نقل الصحافي من موقع الرصد والمتابعة إلى موقع الرصد والمتابعة والفعل والتأثير، رغم المشاكل والمتابعات القضائية والاعتقالات المستمرة التي جرها عليه أسلوبه هذا.
"أنا لست صحفي محايد، ولا أنقل الأحداث بتجرد.. أنا منحاز للفقراء والمظلومين.. أنا دائما ضد الظلم"، هكذا يعرف حسن  نفسه.
وقصة حسن مع المتاعب والسلطة  ليست حديثة العهد بل بدأت منذ ربيع 2006 وأول مشكل له مع الدولة وذلك عندما كاد بتسبب للمغرب في أزمة دبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث اغتنم فرصة تكليفه من طرف مسؤولي وزارة الثقافة في مهرجان دولي للرسوم المتحركة، بإدارة الموقع الالكتروني الرسمي للمهرجان الذي ينظم تحت الرعاية الرسمية للملك ، ليطلق من خلاله مسابقة لرسم "أسوء كاريكاتور للرئيس الأمريكي مجرم الحرب جورج بوش" (حسب تعبير حسن بالموقع) مقابل دولار رمزي كجائزة، هذا الأمر كلفه الوقوف في المحاكم بعد أن رفع ضده وزير الثقافة السابق محمد الأشعري، الذي بالمناسبة اشتكي وكان ضد الإمبرالية، دعوى قضائية بسبب الحرج الدبلوماسي الذي وقعت فيه وزارته.
حسن المتمرد لم تردعه هذه الحادثة عن المضي في مشواره المشاكس الذي أطره من خلال تأسيسه لمنظمة صحافيون بلا قيود، حيث استطاع خلال مدة قصيرة إحداث ثورة في فضح الفساد والشطط في استعمال السلطة وتفشي الرشوة ونقل شكايات المواطنين بشمال المغرب، من خلال نشر أكثر من 3000 فيديو بالموقع الاجتماعي يوتوب ثم الفايسبوك، الذي تحول مع حسن لنافذة رئيسية للاطلاع على تفاصيل الفساد بشمال المغرب ولنداءات المظلومين والتضامن مع المعتقلين السياسيين والصحف المضطهدة.  
لم يقتصر نشاط حسن الذي يصفه البعض بملاذ المقهورين على الرصد والتصوير ونقل الصورة فقط، بل تحول لمنظم للوقفات الاحتجاجية والمسيرات الغاضبة، حيث استطاع التأثير في أغلب المواطنين الذين يلجؤون إلى كاميرته، لتطوير أساليب شكواهم من خلال الاحتجاج السلمي، وقد بدا ذلك جليا عندما كان سباقا وقبل انطلاق الربيع العربي في الدعوة للتظاهر بشكل عفوي وباستمرار لعموم المظلومين والمضطهدين من خلال نداءاته المعروفة "جميعا جماعة كل جمعة لمحاربة الفساد" حيث استطاع تنظيم وتصوير العشرات من الوقفات الاحتجاجية رفقة عدد من العمال أحيانا والفلاحين في أحيان أخرى وعموم المظلومين بصفة عامة.
"الاعتقال السياسي والسجن مرحلة مهمة.. لأنه يكسر الحاجز النفسي للخوف، الآن أنا لا أخشى الاعتقال.. لأنه وسام شرف يحق للمرء أن يفتخر به" هكذا وصف حسن اعتقاله والحكم عليه بعشرة أشهر سجنا نافذة سنة 2009 على خلفية فضحه فساد أحد رجال القضاء بتطوان واتهامه إياه بالوقوف إلى جانب تجار المخدرات بشمال المغرب. الشهور العشرة التي قضاها في  السجن والاعتقالات الكثيرة الأخرى والتي تجاوزت الثمانين في مخافر الشرطة والتوقيف من أجل التحقيق معه في بيانات أصدرها أو فيديوهات صورها، لم تردعه ولم توقف نشاطه بل أصبح حاضرا أكثر في كل اللحظات والمناسبات رفقة كاميرته الرقمية التي تلازمه في كل مكان، والتي تكسرها له الشرطة بين الحين والآخر، ولكن يجد بديلا لها. في لحظة اعتداء على برهون 
 ومع انطلاق الثورات العربية كان سباقا للدعوة للتظاهر يوم 20 فبراير بشوارع المدن المغربية، حيث بادر إلى طبع نداء الدعوة للخروج للشارع وقام بتوزيعه وتصوير ارتسامات المواطنين حول الحاجة للحرية والعدالة في نفس الوقت.
حسن برهون لا يعرف الراحة والهدوء، فقد سبق أن ترك حياة الوظيفة المريحة والروتين القاتل والدخل المريح، لينطلق إلى عالم الصحافة والتدوين لأنه يعشقه ويتنفسه، يؤمن أن قدره هو الانتصار للمظلومين والفقراء ونقل معاناتهم من خلال عدسة كاميرته للعالم. 
عندما نكتب تاريخ صحافة المواطنة في المغرب عبر توظيف وسائل الاتصال الحديثة مثل الفايسبوك ويوتوب، يطفو اسم حسن ليس كمناضل رقمي بل أحد مؤسسي "صحافة المواطنة" في المغرب والعالم العربي.



0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة