الخميس، 8 مارس 2012

قراءة أولية في قانون المسطرة الجنائية الجديد: حقوق المقبوض عليهم من طرف الضابطة القضائية


نظم المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بتازة بشراكة مع هيأة المحامين بتازة، أخيرا، ندوة بمقر غرفة التجارة والخدمات بتازة، تمحورت حول عرضين: الأول في موضوع التقادم في التشريع الجنائي المغربي على ضوء العمل القضائي، من إعداد وتقديم نجيم الشاوني، عضو المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بتازة، وقدم عبد الوهاب مطيش، نقيب المحامين بتازة العرض الثاني الذي شارك في إعداده أحمد الدنى محام بالهيأة نفسها، وتمحور موضوعه حول قراءة في المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية على ضوء قانون المحاماة وقواعد المساعدة القضائية. تطرق عبد الوهاب مطيش، نقيب هيأة المحامين بتازة، خلال ندوة نظمها المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بشراكة مع هيأة المحامين بخصوص القواعد المنظمة للبحث التمهيدي وفق قانون المسطرة الجنائية المغربية، إلى نص المادة 66، مشيرا إلى ظهور موجة تطالب بحماية حقوق الإنسان المتعارف عليها كونيا، والتي تبناها الدستور المغربي، وسرد ثلاثة أنظمة قانونية مارس وفقها القضاء الواقف والمحامون والشرطة القضائية مهامهم في الأول منها بمقتضى ظهير 10 فبراير 1959 الذي ميز صرامة المشرع لما أعطى الحرية المطلقة للشرطة أثناء إجراء تفتيش وتقدير المعطيات وعدم إخراجها للعلن، وكانت الضابطة القضائية تعرض الحجج والمحجوزات على المتهم بغرض التعرف عليها فقط. وجاءت المسطرة الحالية لتضع حدا لهذا الغبن، وأعطت الحق للمتهم لاتخاذ موقف من هذه الحجج. وأشار النقيب إلى القانون رقم 01-22 الصادر بظهير 3 اكتوبر 2002 بشأن قانون المسطرة الجنائية قبل تعديلها، والذي لامس معاناة الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية، وإمكانية حصوله على وثائق ومستندات لإضافتها إلى المحضر مقابل إشهاد. وجاء القانون 35-11 الصادر بظهير أكتوبر 2011، لسد بعض الثغرات ووضع مساطر مدققة كفيلة بحماية كل من المتهم والضابطة القضائية التي تتولى البحث التمهيدي معه، وليحد من تراجع المتهم عن أقواله التي أدلى بها عند الضابطة القضائية، معللا تراجعه بتعريضه للعنف. وحماية لحقوق جميع الأطراف، خصوصا المشتبه فيه، أوجب المشرع 6 حقوق استقاها من المواثيق الدولية والتشريعات المقارنة، من شأن هذه المكتسبات أن تطمئن المشتبه فيه والضابطة القضائية معا، ورتبها النقيب في الفرع الثاني من عرضه. حقوق اعتبرها النقيب جديدة أفرزتها المادة 23 من الدستور الحالي. وأوجب القانون الجديد حق المشتبه فيه في الاطلاع على أسباب ودواعي اعتقاله، وألزم الضابطة القضائية بتدوين هذه المعطيات في سجل تراقبه النيابة العامة بصفة منتظمة، واعتبر الإجراء جوهريا. وأعطى القانون المشتبه فيه حق الصمت أمام الضابطة القضائية، وفتح له باب الاتصال بمحاميه ليسدي له النصح بالاستمرار في الصمت أو التخلي عن هذا الحق، وفي رأي الأستاذ النقيب فإن مرحلة الصمت تنتهي بحضور المحامي، وإن لم يشر إلى ذلك النص، وأوجب القانون حق المشتبه فيه في الاتصال بأحد أقربائه، لكن النص لم يشر إلى وسيلة الاتصال، ويتجلى الحق الرابع في اتصال الشخص الموجود تحت الحراسة النظرية بمحاميه ولم يقرن هذا الحق بدرجة الجرائم المرتكبة، وضرب موعدا لهذا الاتصال بعد انصرام مدة الحراسة النظرية الأصلية، ولمدة تقل عن نصف ساعة، وأعطى القانون للمشتبه فيه حقا خامسا يحصل بمقتضاه على المساعدة القانونية والحصول على الوثائق والمستندات للإدلاء بها أمام الضابطة القضائية، وهو ما يضع حدا لمعاناة المعتقلين الذين يتوفرون على وثائق جمركية تثبت قانونية حيازة السلع. أما الحق السادس فيضمن سرية اتصال المشتبه فيه بمحاميه، مع التزام هذا الأخير بالسرية أثناء مرحلة الحراسة النظرية ، وأشار النقيب إلى أن تفعيل هذا الحق يقتضي إعادة النظر في البنية التحتية لأماكن وضع المشتبه فيهم تحت الحراسة النظرية، بطريقة تضمن سرية مضمون التخابر وحماية سلامة المحامي. وأضاف مطيش أن المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية، وإن لامست حقوق المشتبه فيهم أثناء البحث التمهيدي، فإن التوقف على بعض الملاحظات كفيل بالمساهمة في رفع اللبس، وهو ما خصص له فرعا ثالثا في عرضه، ومن بينها القيود التي وضعها المشرع لما حصر مدة الاتصال في 30 دقيقة، وإجراء الاتصال في مكان قد يفتقر إلى معايير تضمن الحقوق الإنسانية للمعتقل وفق الفقرة 16 من المادة 66 ق.م.ج. وانتقل النقيب إلى الإكراهات التي تفرضها تضاريس المسالك الوعرة التي تغلب على بعض المناطق، ما يجعل الاتصال المباشر للمحامي بالمشتبه فيه مستحيلا، وأحيانا حتى اعتماد الهاتف بسبب انعدام التغطية، وهو ما «يثير جدلا حول الثورة التي أحدثتها المادة 66 على نظام المساعدة القضائية وفق مقتضيات ظهير 6 فبراير 1963 بإعطاء سلطة تمتع المشتبه فيه بالمساعدة القضائية لضابط الشرطة القضائية بمجرد طلبه محاميا في إطار المساعدة القضائية دون تحري أو بحث أو استشارة النيابة العامة مما يقتضي تدخل المشرع مجددا لوضع ضابط لهذه المساعدة، يقول النقيب، مضيفا أن إشعاره بضرورة انتداب محام لهذه الغاية يعترضه صعوبات تتعلق بالقواعد المهنية التي تقتضي الحرص على حماية مصالح هيأة المحامين، إحترام مبدأ تكافؤ الفرص بين أعضائها «، مراعاة مقاربة النوع، وتوفير الوسائل اللوجيستيكية والأمنية لهم»، وهو ما يقتضي تدخل المشرع لتذليل هذه الصعوبات والإجابة على عدد من الأسئلة من قبيل: «ما العمل عند تعدد المحامين المعينين من قبل مشتبه فيه واحد؟ ما العمل عند تعرض المحامين لمانع للقيام بالاتصال به ؟ ما العمل عندما يتعلق الأمر بمركز الدرك الملكي الذي يبعد بمسافة كبيرة عن مقر المحامي والحاجة إليه كانت ليلا؟ ما العمل إذا ثبت لاحقا أن المشتبه فيه المستفيد من هذه المساعدة القضائية ثري وميسور الحال؟ ما العمل إذا كان تعيين محام بإيعاز من الضابطة القضائية، سيما إذا كان المقبوض عليه لا يعرف محاميا بالاسم؟ ما العمل إذا كان يرغب في تعيين محام خارج الدائرة القضائية لمكان اعتقاله هل يشعر نقيب هذا المكان أم مكان وجود المحامي؟ ما مدى المساعدة القضائية التي تناط بالمحامي؟ هل تقتصر على مرحلة البحث التمهيدي أم تمتد إلى التقديم أمام النيابة العامة والمحاكمة بكل مراحلها بما فيها إجراءات الطعن بالاستئناف مثلا؟ وغيرها من التساؤلات التي سينتجها تفعيل المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية».

عبد السلام بلعرج/ الصباح

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة