أنا راني مستعد نقدم استقالتي، إلى الوزارة ما سيفطاتش لي العدد الكافي ديال الأساتذة”، بنبرة تحد مشوبة بغير قليل من الإحساس بالمرارة، خاطب مصطفى اعذري نائب وزير التربية الوطنية بنيابة مراكش، ممثلي السكان بمقاطعة المنارة بمراكش، حين محاصرته بالأسئلة حول أسباب الخصاص المهول الذي تعرفه بعض المؤسسات التعليمية بالمدينة.
واقع جعل شوارع مراكش، تعيش بشكل يومي على إيقاع المسيرات الاحتجاجية، التي يؤثثها الآباء والأولياء مرفوقين بفلذات أكبادهم، فيما لم يتردد البعض في إغلاق بعض المؤسسات، وتوقيف العمل بها احتجاجا على غياب أساتذة بعض المواد الأساسية.
مقر نيابة التربية الوطنية بدوره، أصبح قبلة يومية لحشود المحتجين، الذين لايترددون في محاصرة الفضاء، وحشر الأطر الإدارية ومسؤولي المصالح والأقسام في زاوية الإحراج، بعد أن حاصرتهم الإكراهات والمشاكل من كل زاوية.
الخصاص على مستوى بنية الاستقبال، وكذا على مستوى الموارد البشرية، واقع تجتره المجالات القروية، كما المجالات الحضرية، في إطار “ديمقراطية تعميم الأزمة”.
ثانوية المحاميد7، بلغ حجم الأطر التربوية بها سقف الـ18 أستاذا بمختلف المواد والتخصصات، ليكون قرار أولياء أمور التلاميذ، هو إغلاقها في وجه الجميع لحين إيجاد حل للمشكل، فيما حظ ثانوية الخوازمي التأهيلية لم يكن بأحسن منها. أما بالجماعة القروية سعادة، فقد قرر الآباء والأمهات منع أبنائهم من التوجه لفرعية أولاد أحمد التابعة لمركزية البساتين ابتداء من أمس الإثنين، مع إخبار السلطات المحلية والمصالح النيابية بهذا القرار، تماما كما هو الشأن بالنسبة لفرعية الزهور ( دوار فرنسوا) التابعة لمجموعة مدارس الباشا،التي تم توقيف الدراسة بها من طرف الأولياء المحتجين ابتداء من الجمعة المنصرمة، في إطار استنكار واقع الخصاص على مستوى الأطر التربوية والتعليمية.
المصالح النيابية التي حاصرتها هذه المشاكل، حاولت معالجة الأمر بإصدار تكليفات لبعض الأساتذة قصد سد الخصاص الحاصل في المؤسسات المذكورة، غير أن رفض أغلبيتهم مغادرة مؤسساتهم الأصلية والالتحاق بالمؤسسات البديلة، سيزيد من تعقيد الأمور.
عدم امتلاك النائب لصلاحية،إجبار المعنيين على تنفيذ قرارات التكليف، سيجعل محمد الوفا وزير القطاع يتدخل شخصيا، ويطلب من تزويده بالتكليفات المذكورة، لتوقيعها بنفسه كخطوة تضع الأساتذة المعنيين في مواجهة مباشرة مع الوزارة.
الإكراهات التي يعيشها قطاع التعليم بمراكش، على مستوى غياب بنيات الاستقبال، والخصاص في الأطر البشرية، أرجعته مصادر مطلعة، إلى غياب التنسيق بين جميع الجهات المتدخلة في النفوذ الترابي للمدينة، حيث يتم مثلا ، إنجاز أحياء وتجزئات سكنية كاملة، دون أن توازي العملية إنشاء وبناء مؤسسات تمكن من استيعاب ساكنة الأحياء المحدثة.
عدم امتلاك الجهات المسؤولة محليا بقطاع التربوية للتعليم، صلاحية تنفيذ مخططات مشاريع إعادة الانتشار تجعل من تغطية الخصاص ببعض المؤسسات أمرا صعبا يتطلب سياسة”الطليب والمزاوكة، ويلا اهداه الله”.
المصالح الوزارية تتحمل وزر هذه الإكراهات، بالنظر لكونها قد توقفت منذ سنوات عن تزويد المدينة بأي أطر تربوية من المتخرجين الجدد، ما يؤكده أن مراكش لم تتوصل خلال السنة الجارية، سوى بأستاذ يتيم في مادة التربية البدنية.
واقع جعل البنية العمرية للأطر التربوية بالمدينة تصنف في خانة “الشائخة”، ما يفسر تواتر الحالات المرضية والشهادات الصحية، كما تم تحديد ٣٢ أستاذة وأستاذ سيغادرون متم السنة الجارية في إطار التقاعد النسبي، مع 64 حالة تقاعد، دون احتساب طبعا شهادات الولادة، ورخص الحج التي بلغت أزيد
من 90 رخصة خلال السنة الجارية.
شساعة المساحة الجغرافية التي تغطيها نيابة مراكش، والتي تعادل حجم بعض الأكاديميات، تفرض تضافر جهود جميع المصالح والجهات، لتفادي حلول الكارثة، حيث يبلغ عدد التلاميذ على مستوى النيابة أزيد من 240 ألف تلميذ، دون احتساب1500 من طلبات الانتقال من التعليم الخصوصي نحو التعليم العمومي،يسهر على تدريسهم طاقم يتكون من ١١ ألف أستاذ في جميع الأسلاك والمواد، فيما لا تتوفر المدينة سوى على215 مدرسة ابتدائية، و60 إعدادية، و32 مؤسسة ثانوية.
أما على مستوى التعليم الخصوصي،فتبلغ نسبة المتمدرسين40 ألف تلميذة وتلميذ، تدرس تحت سقف 90 مؤسسة، ما يكشف عن حجم الخصاص على مستوى بنية الاستقبال وكذا على مستوى الأطر التربوية والتعليمية، وتتكشف معها حقيقة أن “فاقد الشيء لا يعطيه”.
إسماعيل احريملة
الأحداث المغربية
0 التعليقات:
إرسال تعليق