«قررنا نزع ملكيتكم من أجل المنفعة العامة لإعداد وتهيئة المنطقة «للتجهيزات الكبرى». كان لهذه الجملة القصيرة، والصادرة بالجريدة الرسمية
بتاريخ 14/12/2011 عدد 5172، وقع حمام بارد على أصحاب هكتارات من الأراضي بعمالة المضيق الفنيدق. الغريب، حسب ملاك هذه المئات من الهكتارات، هو أن المرسوم الصادر باسم رئيس الحكومة السابق وعهد بتنفيذه إلى وزير الاقتصاد والمالية ومدير أملاك الدولة تمت المصادقة عليه أياما فقط قبل تشكيل الحكومة الجديدة.
ولم يقنع مبرر «المنفعة العامة» لنزع ملكية حوالي 300 هكتار تقابل المركب السياحي مارينا سمير، ملاك هذه الأراضي وأهالي المنطقة المقيمين فيها منذ أزيد من 40 سنة، حيث خاضوا، صباح أمس، وقفة احتجاجية أمام عمالة المضيق- الفنيدق احتجاجا على الأمر، فيما عقدت «جمعية جبل زمزم للتنمية» ندوة صحافية لكشف ما وصفوه ب«الملابسات الحقيقية والخطة المحبكة لنزع أراضيهم».
ووفق بيان الجمعية المذكورة، فإن هذا المشروع يفتقر إلى أي سند قانوني واضح يخول بموجبه للدولة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة. ووفق البلاغ الصحافي فإنه من المعلوم أن الملكية الخاصة في المغرب تعتبر حقا مقدسا محميا دستوريا لا يمكن المساس به، إلا استثناء وفي حدود جد ضيقة وفي حالة توفر مجموعة من الشروط الموضوعية التي تتجلى فيها المنفعة العامة بكل وضوح، من قبيل بناء السدود، وتشييد الطرق، والمدارس، والمستشفيات، بينما ما عدا ذلك فإنه حسب الجمعية، «يعتبر شططا في استعمال السلطة وإجحافا في التأويل الصحيح للنص، الهدف منه تحقيق الأغراض الشخصية والمصالح الخاصة لفئة على حساب فئات أخرى». وكشفت الجمعية في ندوتها الصحافية عن حقائق خطيرة، مشيرة إلى أن «المنفعة العامة المزعومة الواردة في مشروع المرسوم المذكور، ما هي في الحقيقة إلا منفعة خاصة بكل معنى الكلمة، الهدف من ورائها إغناء شركات خاصة أو شبه عمومية أو شخصيات نافذة على حساب سكان وملاك أراضي منطقة جبل زمزم المشمولة بنزع الملكية»، وبالتالي فهي، على حد قولها، بعيدة كل البعد عن المنفعة العامة بمعناها الصحيح، التي يجب أن تكون المعيار الوحيد والغاية المنشودة من وراء نزع الملكية في دولة الحق.
وأكد رئيس الجمعية في الندوة الصحافية أن المنطقة المزمع نزع ملكيتها لا تصلح لإنجاز المطارات ولا الموانئ، ولن تبني عليها الدولة مستشفيات ولا معاهد عليا، فهي بالنظر إلى طبيعتها العمرانية لن تصلح إلا لبناء «شقق ترفيهية تحقق الأرباح الخيالية لأصحاب المشاريع والمستغلين على حساب بؤس ملاك هذه الأراضي». وحدد مشروع المرسوم نزع الملكية لمساحة حوالي 300 هكتار كخطوة أولى ستليها خطوات في المستقبل، بدءا بالشمال الغربي للمغرب إلى حدود الشمال الشرقي، وهو القرار الذي اعتبره أهالي المنطقة مجحفا لأنها أصبحت تعتبر منجما سياحيا يسيل لعاب الكثيرين. ويقول البلاغ الصحافي إنه «ما دامت الدولة لن تتمكن من القيام بهذه التجهيزات الكبرى المزعومة لكل هذه المساحة الهائلة بنفسها، فإنها ستلجأ إلى الشركات الخاصة المحظوظة للقيام بذلك، مما يشكل دليلا على أن الدولة قد ذهبت بعيدا في تأويلها للمنفعة العامة، ليشمل المشاريع ذات الصبغة الاستثمارية الخاصة».
وبخصوص مرسوم نزع الملكية، وتعريض المئات من الأسر للتشريد، صرح العضو محمد السليمان، البرلماني عن عمالة المضيق الفنيدق، بأنه من المفروض أن تتم هذه الأمور بشفافية ونزاهة، متسائلا في نفس الوقت هل التنمية ستكون على حساب أصحاب الحقوق؟ مؤكدا أنه سيتخذ جميع الإجراءات المخولة له قانونيا في إطار الرقابة ليسلط الضوء على أهداف هذا المشروع. «يدا في يد سنقف ضد هذا المشروع»، يقول البرلماني.
من جهته، أكد عبد الواحد العاقل، رئيس جمعية جبل زمزم، أنهم قدموا 148 إفادة تعرض نوع ملكية أراضيهم مؤكدا أن لجوء الدولة إلى نزع ملكية الأراضي من السكان لتفويتها لمستثمرين من أجل القيام ب«التجهيزات الكبرى» المزعومة من شأنه فتح المجال أمام مضاربات «قروش» العقارات الضخمة، لتلتهم بذلك كل حقوق وآمال وطموحات سكان هذه المنطقة، وتعرضهم للتشرد والضياع، كما أن نزع ملكية هذه الأراضي يعتبر ضربا لأحلام كثير من الأطر العليا ولعمال مهاجرين قضوا زهرة شبابهم في الكد والعمل والتضحية من أجل بناء مسكن لهم، ناهيك عن شريحة هامة من السكان البسطاء أقام آباؤهم وأجدادهم منذ عقود طويلة بالأرض التي تنعت «بالسلالية»، ولم تتح لهم فرص التملك، بل كانوا عرضة للتحايل من طرف بعض الجهات في السنوات الأخيرة، إذ وقعوا على أوراق ظاهرها التمليك وباطنها العكس.
واستغرب أغلب ملاك الأراضي مواقف الدولة تجاههم، مشيرين إلى أن معظمهم قام منذ سنوات طويلة بإيداع مطالب لتحفيظ أراضيهم لدى إدارة المحافظة العقارية، وقدموا جميع الوثائق القانونية اللازمة لذلك منها ملكيات تعود لسنوات الثلاثينيات وما قبل من القرن الماضي وتصاميم عقارية، غير أنها قوبلت جميعها بالتماطل والتسويف، ولم يفهم سبب ذلك إلا بعد أن قامت مديرية الأملاك المخزنية بفتح مطلب للتحفيظ دون الإدلاء بأية مستندات جدية فاستجابت لها إدارة المحافظة العقارية، مما دفع السكان إلى وضع تعرض ضد هذا التحفيظ، الأمر الذي نتج عنه تعقيد الملف ورفعه إلى المحكمة، فتأخر بذلك ملفهم وضاعت مصالح السكان.
ويتبين أن كل الأراضي الواقعة على الشريط الساحلي «تمودا بي» أصبحت معرضة لنزع الملكية، حيث سبق إعلان نزع الملكية بمنطقة بوزغلال الواقعة بنواحي مدينة المضيق من أجل تحقيق المنفعة العامة، وتم تفويت الأراضي المشمولة بنزع الملكية وشرع في استغلالها قبل إتمام مسطرة نزع ملكيتها، ليتبين بعد ذلك أن عملية النزع تمت من أجل إنجاز شقق وفيلات ومحلات تجارية لا زالت بقعها تباع وتشترى من طرف خواص، هدفها الوحيد والأوحد هو تحقيق الأرباح لفائدة جهات نافدة. فللمرة الثالثة تتكرر مأساة عدد من أصحاب الأراضي الفلاحية والمنازل السكنية مع قضايا نزع الملكية في الشمال لأهداف تم تحديدها في الجريدة الرسمية بإنجاز «التجهيزات الكبري» على الطريق المؤدية إلى مدينة سبتة، أو ما يطلق عليه في مدينة تطوان بمنطقة النيغرو. ويتساءل العديد من سكان تطوان عن الهدف الحقيقي لعمالة المضيق– الفنيدق، بالاشتراك مع مؤسسات عقارية ضخمة من نزع ملكية 124 هكتارا لأكثر من 1300 أسرة مستفيدة من ملك أراضي الأحباس الخاصة، و«أحباس ليلة القدر» للكوف الفوقي والكوف السفلي الكائن بتطوان جبالة، جماعة الملاليين، بقيادة الفنيدق. وحسب المادة الثالثة من القرار الصادر في الجريدة الرسمية عدد 27 فبراير 2008، فإنه «يفوض حق نزع الملكية إلى مجموعة التهيئة العمران، البوغاز»، حيث تقول المادة الرابعة من نفس القرار، «يعهد إلى وزير السكنى وتهيئة المجال وإلى المدير العام لمجموعة العمران- البوغاز بتنفيذ ما جاء في مشروع المرسوم، كل واحد في ما يخصه».
جمال وهبي / المساء
بتاريخ 14/12/2011 عدد 5172، وقع حمام بارد على أصحاب هكتارات من الأراضي بعمالة المضيق الفنيدق. الغريب، حسب ملاك هذه المئات من الهكتارات، هو أن المرسوم الصادر باسم رئيس الحكومة السابق وعهد بتنفيذه إلى وزير الاقتصاد والمالية ومدير أملاك الدولة تمت المصادقة عليه أياما فقط قبل تشكيل الحكومة الجديدة.
ولم يقنع مبرر «المنفعة العامة» لنزع ملكية حوالي 300 هكتار تقابل المركب السياحي مارينا سمير، ملاك هذه الأراضي وأهالي المنطقة المقيمين فيها منذ أزيد من 40 سنة، حيث خاضوا، صباح أمس، وقفة احتجاجية أمام عمالة المضيق- الفنيدق احتجاجا على الأمر، فيما عقدت «جمعية جبل زمزم للتنمية» ندوة صحافية لكشف ما وصفوه ب«الملابسات الحقيقية والخطة المحبكة لنزع أراضيهم».
ووفق بيان الجمعية المذكورة، فإن هذا المشروع يفتقر إلى أي سند قانوني واضح يخول بموجبه للدولة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة. ووفق البلاغ الصحافي فإنه من المعلوم أن الملكية الخاصة في المغرب تعتبر حقا مقدسا محميا دستوريا لا يمكن المساس به، إلا استثناء وفي حدود جد ضيقة وفي حالة توفر مجموعة من الشروط الموضوعية التي تتجلى فيها المنفعة العامة بكل وضوح، من قبيل بناء السدود، وتشييد الطرق، والمدارس، والمستشفيات، بينما ما عدا ذلك فإنه حسب الجمعية، «يعتبر شططا في استعمال السلطة وإجحافا في التأويل الصحيح للنص، الهدف منه تحقيق الأغراض الشخصية والمصالح الخاصة لفئة على حساب فئات أخرى». وكشفت الجمعية في ندوتها الصحافية عن حقائق خطيرة، مشيرة إلى أن «المنفعة العامة المزعومة الواردة في مشروع المرسوم المذكور، ما هي في الحقيقة إلا منفعة خاصة بكل معنى الكلمة، الهدف من ورائها إغناء شركات خاصة أو شبه عمومية أو شخصيات نافذة على حساب سكان وملاك أراضي منطقة جبل زمزم المشمولة بنزع الملكية»، وبالتالي فهي، على حد قولها، بعيدة كل البعد عن المنفعة العامة بمعناها الصحيح، التي يجب أن تكون المعيار الوحيد والغاية المنشودة من وراء نزع الملكية في دولة الحق.
وأكد رئيس الجمعية في الندوة الصحافية أن المنطقة المزمع نزع ملكيتها لا تصلح لإنجاز المطارات ولا الموانئ، ولن تبني عليها الدولة مستشفيات ولا معاهد عليا، فهي بالنظر إلى طبيعتها العمرانية لن تصلح إلا لبناء «شقق ترفيهية تحقق الأرباح الخيالية لأصحاب المشاريع والمستغلين على حساب بؤس ملاك هذه الأراضي». وحدد مشروع المرسوم نزع الملكية لمساحة حوالي 300 هكتار كخطوة أولى ستليها خطوات في المستقبل، بدءا بالشمال الغربي للمغرب إلى حدود الشمال الشرقي، وهو القرار الذي اعتبره أهالي المنطقة مجحفا لأنها أصبحت تعتبر منجما سياحيا يسيل لعاب الكثيرين. ويقول البلاغ الصحافي إنه «ما دامت الدولة لن تتمكن من القيام بهذه التجهيزات الكبرى المزعومة لكل هذه المساحة الهائلة بنفسها، فإنها ستلجأ إلى الشركات الخاصة المحظوظة للقيام بذلك، مما يشكل دليلا على أن الدولة قد ذهبت بعيدا في تأويلها للمنفعة العامة، ليشمل المشاريع ذات الصبغة الاستثمارية الخاصة».
وبخصوص مرسوم نزع الملكية، وتعريض المئات من الأسر للتشريد، صرح العضو محمد السليمان، البرلماني عن عمالة المضيق الفنيدق، بأنه من المفروض أن تتم هذه الأمور بشفافية ونزاهة، متسائلا في نفس الوقت هل التنمية ستكون على حساب أصحاب الحقوق؟ مؤكدا أنه سيتخذ جميع الإجراءات المخولة له قانونيا في إطار الرقابة ليسلط الضوء على أهداف هذا المشروع. «يدا في يد سنقف ضد هذا المشروع»، يقول البرلماني.
من جهته، أكد عبد الواحد العاقل، رئيس جمعية جبل زمزم، أنهم قدموا 148 إفادة تعرض نوع ملكية أراضيهم مؤكدا أن لجوء الدولة إلى نزع ملكية الأراضي من السكان لتفويتها لمستثمرين من أجل القيام ب«التجهيزات الكبرى» المزعومة من شأنه فتح المجال أمام مضاربات «قروش» العقارات الضخمة، لتلتهم بذلك كل حقوق وآمال وطموحات سكان هذه المنطقة، وتعرضهم للتشرد والضياع، كما أن نزع ملكية هذه الأراضي يعتبر ضربا لأحلام كثير من الأطر العليا ولعمال مهاجرين قضوا زهرة شبابهم في الكد والعمل والتضحية من أجل بناء مسكن لهم، ناهيك عن شريحة هامة من السكان البسطاء أقام آباؤهم وأجدادهم منذ عقود طويلة بالأرض التي تنعت «بالسلالية»، ولم تتح لهم فرص التملك، بل كانوا عرضة للتحايل من طرف بعض الجهات في السنوات الأخيرة، إذ وقعوا على أوراق ظاهرها التمليك وباطنها العكس.
واستغرب أغلب ملاك الأراضي مواقف الدولة تجاههم، مشيرين إلى أن معظمهم قام منذ سنوات طويلة بإيداع مطالب لتحفيظ أراضيهم لدى إدارة المحافظة العقارية، وقدموا جميع الوثائق القانونية اللازمة لذلك منها ملكيات تعود لسنوات الثلاثينيات وما قبل من القرن الماضي وتصاميم عقارية، غير أنها قوبلت جميعها بالتماطل والتسويف، ولم يفهم سبب ذلك إلا بعد أن قامت مديرية الأملاك المخزنية بفتح مطلب للتحفيظ دون الإدلاء بأية مستندات جدية فاستجابت لها إدارة المحافظة العقارية، مما دفع السكان إلى وضع تعرض ضد هذا التحفيظ، الأمر الذي نتج عنه تعقيد الملف ورفعه إلى المحكمة، فتأخر بذلك ملفهم وضاعت مصالح السكان.
ويتبين أن كل الأراضي الواقعة على الشريط الساحلي «تمودا بي» أصبحت معرضة لنزع الملكية، حيث سبق إعلان نزع الملكية بمنطقة بوزغلال الواقعة بنواحي مدينة المضيق من أجل تحقيق المنفعة العامة، وتم تفويت الأراضي المشمولة بنزع الملكية وشرع في استغلالها قبل إتمام مسطرة نزع ملكيتها، ليتبين بعد ذلك أن عملية النزع تمت من أجل إنجاز شقق وفيلات ومحلات تجارية لا زالت بقعها تباع وتشترى من طرف خواص، هدفها الوحيد والأوحد هو تحقيق الأرباح لفائدة جهات نافدة. فللمرة الثالثة تتكرر مأساة عدد من أصحاب الأراضي الفلاحية والمنازل السكنية مع قضايا نزع الملكية في الشمال لأهداف تم تحديدها في الجريدة الرسمية بإنجاز «التجهيزات الكبري» على الطريق المؤدية إلى مدينة سبتة، أو ما يطلق عليه في مدينة تطوان بمنطقة النيغرو. ويتساءل العديد من سكان تطوان عن الهدف الحقيقي لعمالة المضيق– الفنيدق، بالاشتراك مع مؤسسات عقارية ضخمة من نزع ملكية 124 هكتارا لأكثر من 1300 أسرة مستفيدة من ملك أراضي الأحباس الخاصة، و«أحباس ليلة القدر» للكوف الفوقي والكوف السفلي الكائن بتطوان جبالة، جماعة الملاليين، بقيادة الفنيدق. وحسب المادة الثالثة من القرار الصادر في الجريدة الرسمية عدد 27 فبراير 2008، فإنه «يفوض حق نزع الملكية إلى مجموعة التهيئة العمران، البوغاز»، حيث تقول المادة الرابعة من نفس القرار، «يعهد إلى وزير السكنى وتهيئة المجال وإلى المدير العام لمجموعة العمران- البوغاز بتنفيذ ما جاء في مشروع المرسوم، كل واحد في ما يخصه».
جمال وهبي / المساء
0 التعليقات:
إرسال تعليق