حوار جريدة النهار المغربية مع سعيد صفصافي ، الكاتب العام للاتحاد النقابي للموظفين-إ.م.ش (عدد الإثنين 24 شتنبر 2012)
- بداية نسألك عن الصراع الذي وقع داخل مركزية الاتحاد المغربي للشغل أين وصل هذا الصراع؟
لا يمكن الحديث عن صراع داخل الاتحاد المغربي للشغل بالمعنى الحصري للكلمة ولكن هناك تشويش من طرف مجموعة صغيرة رفضت الامتثال للقرارات التنظيمية الصادرة عن اللجنة الإدارية للاتحاد وما خولته من صلاحيات للأمانته الوطنية لتنفيذها وفرض احترام مبادئ الاتحاد المغربي للشغل كمركزية نقابية مستقلة. وهذا التشويش لن يشغلنا عن معركتنا الحقيقية في التصدي للهجمة الشرسة على الحريات النقابية وعلى المكتسبات في مجال الحريات النقابية والمكتسبات الاجتماعية وعن النضال من اجل انتزاع الحقوق العادلة والمشروعة للطبقة العاملة وفرض احترام الحكومة الحالية لمضامين اتفاق 26 أبريل 2012.
ما هو موقفكم من البيانات المضادة التي صاغتها الأطراف الاخرى من داخل مقرات الاتحاد والموالية للمجموعة التي وصفتموها "بمجموعة صغيرة من المشوشين ؟
من غير المقبول أن تستغل مقرات الاتحاد المغربي للشغل واسمه ورموزه من أجل الإساءة إليه وإلى مناضليه أو للتغرير بالعمال والمستخدمين والموظفين، وعلى الرغم من كون هذه الممارسات تبقى معزولة فإنها لن تستمر طويلا وسوف يتم التعامل معها في الوقت المناسب وحسب كل حالة على حدة.
كانت لهذه الأوضاع تداعيات أيضا على الاتحاد النقابي للموضفين التابع ل(إ.م.ش) والذي تمثلونه بصفتكم كاتبا عاما؟
لقد تمت إعادة انبعاث الاتحاد النقابي للموظفين يوم 14 يوليوز 2012 من طرف ممثلي الجامعات والنقابات الوطنية العاملة داخل قطاعات الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية كإطار تنسيقي لهذه التنظيمات وإعادة تقعيده على الأسس والمبادئ التي أسس من أجلها أول مرة عند نهاية الخمسينات من القرن الماضي وخاصة في مجالات التكوين والتنسيق وتقوية روح التضامن بين القطاعات والحوار الاجتماعي وتوسيع جماهيرية الاتحاد المغربي للشغل بقطاعات الوظيفة والجماعات المحلية ودعم نضالات عموم الموظفات والموظفين على قاعدة مطالبهم المشتركة. وفي هذا الإطار، ركزنا خلال هذه الفترة القصيرة بالخصوص على تكتيف التواصل والتشاور مع الجامعات والنقابات الوطنية والاتحادات المحلية والجهوية في أفق تسطير برنامج عمل ستتم مدارسته وتدقيقه خلال الدورة المقبلة للجنة الإدارية للاتحاد النقابي للموظفين واتخاذ ما يلزم من المبادرات النضالية لحمل الحكومة على التفاعل بإيجابية مع مطالبنا.
اطلقت مؤخرا جولة من الحوار بين الحكومة والنقابات. ما هو التصور العام الذي خرجتم به من هذا الحوار؟
إن الجولة الحالية من الحوار الاجتماعي لم تتمخض عنها أية نتائج إن على مستوى اتفاق 26 أبريل 2011 الذي لم تنفذ مضامينه أو على مستوى الاستجابة للمطالب الملحة والآنية لعموم الطبقة العاملة والتي هي الآن موضع احتجاجات ونضالات بالعديد من القطاعات. وفي مقابل ذلك نسجل اتخاذ الحكومة لمجموعة من القرارات الانفرادية خارج طاولة المفاوضات من قبيل مشروع تعديل النظام الأساسي للممرضين وإصدار الدورية المشتركة بشأن التعويض عن العمل بالمناطق الصعبة والنائية وتماديها في سياستها الرامية إلى الإلقاء بتعبات الأزمة الاقتصادية على كاهل الأجراء، من خلال الزيادة الصاروخية في أسعار المحروقات التي شكلت ضربة موجعة للقدرة الشرائية لشرائح واسعة من المجتمع والتأهب لاتخاذ قرارات لاشعبية أخرى بدليل الخرجات الإعلامية المتكررة لبعض أعضاء الحكومة لجس نبض الطبقة العاملة وممثليها النقابيين، ورفعها لشعار "عفا الله عما سلف" للتطبيع مع ناهبي المال العام ومرتكبي الجرائم الاقتصادية، والتهديد بإلغاء مجانية التعليم العالي... الخ.
والخلاصة أن الحوار الاجتماعي برسم سنة 2012 يسير إلى الفشل مع ما سيترتب عن ذلك من غليان اجتماعي وحتى اللقاء الأخير لرئيس الحكومة مع النقابات لم يخفف من حدة الغليان الاجتماعي المتزايد، إذ سجلت العديد من الاحتجاجات والإضرابات سواء في قطاعات الصحة أو الجماعات المحلية ومن المتوقع أن تشمل قطاعات أخرى في الأسابيع المقبلة.
ولكن بنكيران يتعلل بالأزمة المالية العالمية ويطلب من النقابات أن تتفهم هذه الأوضاع بمنح الحكومة مزيدا من الوقت، ما رأيكم في ذلك؟
التحجج بالإكراهات المالية والتوازنات الماكرواقتصادية أو بوجود أزمة اقتصادية أو التحجج بالحفاظ على القدرة التنافسية للمقاولات، حق يراد به باطل لأن كل هذه الاعتبارات هي نتيجة منطقية لليبرالية المتوحشة التي انخرط فيها المغرب منذ الثمانينات (برنامج التقويم الهيكلي، اتفاقيات التبادل الحر، الخضوع لإملاءات المؤسسات المالية الدولية، الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية...الخ). والنتيجة أن الخاسر الأكبر هو الطبقة العاملة وخاصة بالقطاع الخاص الذي لازالت تعطى فيه اليد الطولى للباطرونا لاستغلال الطبقة العاملة وهضم حقوقها وعدم تطبيق مدونة الشغل... الخ.
والحكومة الحالية رفعت من وثيرة الليبرالية الاقتصادية من خلال محاولة إجهازها على صندوق المقاصة وانخراطها في مفاوضات مع بعض الدول لتوقيع اتفاقيات جديدة للتبادل الحر وإغراق البلد في الاستدانة المفرطة باللجوء إلى البنك الدولي لاقتراض ما يزيد عن 6 مليار درهم كما يتم الحديث عن تخفيض عدد المناصب المالية المخصصة لتوظيف الشباب برسم سنة 2013 وخفض الاعتمادات المالية المخصصة للقطاعات الاجتماعية. وسوف ننتظر مشروع قانون المالية برسم سنة 2013 لنتأكد من ذلك
أما بخصوص مسألة منح المزيد من الوقت للحكومة الحالية، فهذه مجرد مناورة حكومية للالتفاف على اتفاق 26 أبريل 2011 لأن هناك إجراءات لا تتطلب أية تكلفة مالية ومع ذلك لم تنفذها تماما كما هو الحال بالنسبة لمراجعة الفصل 288 من القانون الجنائي والمصادقة على الاتفاقية 87 وتوسيع مجال الحريات النقابية، وفي مقابل ذلك نسجل مناورتها المتمثلة في محاولة الإجهاز على الحريات النقابية من خلال عرض مشروعي "القانون التنظيمي للإضراب" و"قانون النقابات" والتهديد بتمريرهما خارج طاولة الحوار الاجتماعي، وآخر ما قامت دورية وزير الداخلية لمباشرة اقتطاع أيام الإضراب من الأجر. والخلاصة أن الحوار الاجتماعي اليوم هو في مأزق حقيقي وهذه الحكومة لا تؤامن بالحوار المنتج.
وماهو تصوركم للخروج من هذا المأزق الذي يعرفه الحوار الاجتماعي ؟
بالنظر للاعتبارات السابقة يمكن القول أن الحكومة الحالية التي يقودها حزب العدالة والتنمية بدأت تفقد تلك المصداقية التي وعدت بها الطبقة العاملة وقد يصعب عليها مستقبلا الإقناع بمخططاتها حتى وإن كانت تحمل بعضا من المكتسبات للطبقة العاملة وقد تأكد ذلك من خلال فشلها في جر النقابات لتجعل منها شريكا في تدبير الأزمة الاقتصادية خلال اللقاء الأخير مع رئيس الحكومة، وخاصة مع افتقادها لرؤية واضحة للتعامل مع الوضع الاجتماعي والاقتصادي الراهنين ويتأكد ذلك من خلال الخرجات الإعلامية الغير محسوبة لأعضائها حول عدد من القضايا الاجتماعية والاقتصادية. لذلك فالمطلوب هو أن تسارع الحكومة إلى تنفيذ مضامين اتفاق 26 أبريل 2011 وأن تبعث بإشارات إيجابية من خلال اتخاذ إجراءات لصالح الطبقة العاملة.
حاوره : عبد الله ورياش
0 التعليقات:
إرسال تعليق