الجمعة، 11 نوفمبر 2011

«المساء » تكشف المستور في حياة مغاربة عالقين في إسرائيل هاجروا إلى إسرائيل من أجل العمل ووجدوا أنفسهم عالقين بعد إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط

عزيز الحور

«إسرائيل».. «التطبيع».. «تل أبيب».. كلمات يقرؤها العديد من المغاربة بشيء من الفزع وكثير من الرفض، لكن هناك مغاربة آخرون لا يخالجهم

هذا الإحساس بالفزع، ولا يرفضون إقامة علاقات مع إسرائيل وزيارة هذا البلد. بينهم مسؤولون وسياسيون وناشطون مدنيون وعمال ومواطنون عاديون. في الظاهر، الحدود مع إسرائيل أشبه بخطوط حمراء لا يجوز لمغربي عبورها، والعلاقة بين البلدين مقطوعة على الإطلاق، أما في الباطن فهناك عشرات من المغاربة يقطعون سنويا هذه الحدود الإسرائيلية «الحمراء»، بغرض السياحة أو العمل. مغاربة عالقون بمدن يافا وحيفا بعدما أحرقوا عقود عملهم وقرروا البقاء في إسرائيل. أساتذة جامعيون وناشطون يلبون دعوات مراكز أبحاث إسرائيلية ويشاركون في ندوات وملتقيات بتل أبيب و«أورشليم». من الضفة الأخرى، أي إسرائيل، يأتي إلى المغرب مئات السياح والأساتذة والباحثين. بعضهم يؤطر أبحاث طلبة مغاربة بجامعات محمد الخامس والحسن الثاني، وآخرون يحضرون بدعوات رسمية وينشطون لقاءات مفتوحة أحيانا ومغلقة أحيانا كثيرة. ما حقيقة الزيارات المتبادلة بين إسرائيليين ومغاربة؟ من هم الناشطون المغاربة والباحثون الإسرائيليون الذين ينسجون خيوط العلاقة بين البلدين؟ ما دور الناشطين الأمازيغيين في هذه العلاقة؟ من هم هؤلاء الناشطون؟ ما قصة عشرات المغاربة العالقين بمدن إسرائيل؟ «المساء» تفتح هذا الملف السري، وتكشف، بالصور والأرقام والشهادات والوقائع، كواليس العلاقات بين مغاربة وإسرائيل.
اسمها «زينب»، شابة مغربية من بين مغاربة آخرين يعيشون بإسرائيل، تحدثت إليهم «المساء». كانت فرحة وهي تتحدث بالدارجة المغربية وتتبادل التهاني بعيد الأضحى بلهجة كادت تنساها بعد مقام دام 13 سنة بمدينة «يافا». «لهلا يوريك الجو كيدير هنا.. مازال في يافا كاين أجواء العيد شوي»، تقول «زينب» بلهجة غلبت عليها لكنة مشرقية.
تختلط العبرية بالعربية عند العديد من المغاربة الموجودين بإسرائيل. عددهم بـ«يافا»، التي تبعد عن القدس بـ60 كيلومترا فقط، يقارب 30 مغربيا. نساء ورجال انتقلوا إلى هناك بعد حصولهم على عقود عمل عن طريق مكتب الاتصال الإسرائيلي الذي كان موجودا بالرباط قبل إغلاقه فيما بعد. مغاربة آخرون ما زالوا يلتحقون بهم، هذا ما كشفته الشابة «زينب» في حديثها مع الجريدة.
«في سنة 2007 جاء وفد من الرياضيين المغاربة إلى إسرائيل. كان بينهم لاعبو كرة وألعاب قوى، جاؤوا إلى إسرائيل بدعوة رسمية للمشاركة في أولمبياد يقام هنا. أغلب هؤلاء الرياضيين هربوا وقرروا المكوث بإسرائيل بعدما أحرقوا تأشيرات الدخول»، تتحدث المعنية بالأمر وكأن الأمر مألوف.
الشابة «زينب» والمغاربة الموجودون بإسرائيل يشيرون إلى أنهم تعودوا على ملاقاة مغاربة يحلون بالقدس وتل أبيب، رغم أن المغرب قطع علاقاته مع إسرائيل منذ إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي. «أكثر من هذا، فقبل أربعة أشهر فقط، افتتح يهودي مغربي معرضا للصناعة التقليدية في القدس، وجلب مغاربة يشتغلون معه في الصناعة التقليدية. عقود عمل هؤلاء المغاربة حصل عليها هذا اليهودي من وزارة الداخلية الإسرائيلية باعتبارها الجهة التي تمنحها»، تقول «زينب».

خطوة بأورشليم

لكن كيف وصل كل هؤلاء المغاربة إلى إسرائيل؟ وماذا يفعلون هناك حتى الآن؟
الجواب عن هذا السؤال تطلب من هؤلاء المغاربة الذين اتصلت بهم «المساء» العودة بذاكراتهم سنوات إلى الوراء. وبالضبط إلى منتصف تسعينيات القرن الماضي، حيث كانت إسرائيل تتوفر على مكتب للاتصال بالرباط. «كل المغاربة الذين يوجدون هنا بإسرائيل جاؤوا إلى هنا عن طريق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط قبل إغلاقه. كان هناك أيضا مكتب اتصال مغربي في تل أبيب وقنصل وموظفون، إضافة إلى مكتب اتصال بغزة. من مكتب الاتصال بالرباط حصلت على عقد العمل للدخول إلى إسرائيل. كان المكتب الإسرائيلي يبحث دائما عن عمال وعاملات. لم يكن هناك إحراج في هذا الموضوع»، توضح المتحدثة نفسها.
كان الإسرائيليون، حسب «زينب»، قد أعلنوا عن طلبات عمل موجهة لمغاربة. المهن كانت مختلفة. الفتيات المغربيات كن الأكثر طلبا. «كانت إسرائيل تطلب مساعدات اجتماعيات ومرافقات للعجزة والمعاقين من أجل العمل بإسرائيل. أما الرجال فكانت إسرائيل تطلب بشكل أكبر الحرفيين والصناع التقليديين. أنا شخصيا حصلت على عقد عمل للاشتغال مساعدة عند أسرة يهودية مغربية تضم رجلا وزوجته وثلاثة أبناء»، تضيف «زينب».
بموجب عقد العمل هذا انتقلت الشابة «زينب» إلى إسرائيل، على غرار العديد من المغاربة الآخرين. العقد المبرم مع هذه العائلة، بإشراف مكتب الاتصال، قضى بأن تعمل «زينب» عند هذه الأسرة المغربية لمدة خمس سنوات، يوميا، بحيث تمكث بمنزل العائلة وتسهر على خدمة الأب العجوز. «التحقت بهذه العائلة بمنطقة تدعى حولون (إحدى محافظات تل أبيب). وكانت هذه العائلة انتقلت من مدينة مكناس إلى إسرائيل خلال فترة الهجرة، ودعني أقول لك إني لم أواجه صعوبات في الاندماج مع أفراد هذه الأسرة، إذ سهلوا علي الاندماج في المجتمع الإسرائيلي. الجميع هنا يتحدث العربية والفرنسية والإنجليزية، وحتى العبرية ليست صعبة التعلم»، تضيف «زينب».
سفر «زينب» إلى إسرائيل، مثل عشرات المغاربة، كان سنة 1998. كما كان من المفترض أن تعود إلى المغرب بعد مضي خمس سنوات، مدة العقد الذي تقرر أن ينتهي في سنة 2003. لم تعد «زينب»، وفضلت البقاء هناك مثل جميع المغاربة الذين سافروا إلى إسرائيل بعقود عمل مكتب الاتصال. «تعرف أننا نحن المغاربة إذا سافرنا إلى بلد أجنبي كانحركوا (تضحك)، أنا أيضا أحرقت أوراقي، مثل المغاربة الموجودين هنا، وأحرقت عقد العمل، ومكثت هنا لمدة 13 سنة. لا يمكن أن أضحي بـ13 سنة هكذا بسهولة»، تستطرد «زينب».
في هذه الفترة حل مغربي آخر بإسرائيل، سيكون زوج زينب فيما بعد. «زوجي مغربي جاء إلى هنا للمشاركة في ماراطون بمدينة أشدود (بساحل إسرائيل)، وذلك في إطار العلاقات الرياضية بين البلدين. عندما التقينا قررنا الزواج»، تقول زينب.
الزوج بدوره أحرق تأشيرة الدخول إلى إسرائيل، وفتح محلا للبقالة بمدينة يافا، فيما زوجته زينب اشتغلت بأحد الفنادق بهذه المدينة. «أنا وثلاث مغربيات فقط اللاتي فضلن الزواج بمغاربة. جميع الفتيات اللواتي انتقلن للعمل بإسرائيل وأحرقن عقود عملهن، تزوجن برجال من عرب 48 وعرب 67. الأمر ذاته بالنسبة للشباب الذين تزوجوا بعربيات 48 و67. أنا رفضت الزواج المختلط وفضلت أن أرتبط بمغربي»، تقول زينب.
تزوجت زينب على غرار المغربيات الأخريات اللواتي فضلن الزواج بمغاربة، عند كاتب عدل. عقد الزواج المحرر غير معترف به في المغرب وإسرائيل، والداخلية الإسرائيلية تعتبره عقدا عرفيا، وعندما قدمت عقد الزواج إلى الداخلية الإسرائيلية كي تحصل على الجنسية لأبنائها تم رفضه ولم يتم الاعتراف به.
في هذه اللحظة بدأت مشاكل المغاربة الموجودين بإسرائيل تتعقد. هذا التعقيد أججه قطع العلاقات بين المغرب وإسرائيل سنة 2000. أغلقت مكاتب الاتصال بالبلدين، وأضحى المغاربة أشبه بالمحتجزين في إسرائيل، إذ لا يمكنهم العودة إلى المغرب بدون أوراق، لسبب وحيد وهو أنهم سيهدمون بذلك ما بنوه خلال مقامهم بهذا البلد. «لا أخاف أن أعود إلى المغرب ولا أحد سيمنعني أو يحاكمني. أخي رجع إلى المغرب ولكنه لم يتمكن من العودة. أخاف أن أعود إلى المغرب ولا أستطيع الرجوع إلى إسرائيل حيث يوجد أولادي وزوجي»، تقول زينب.

العودة المستحيلة

في سنة 2001 بدأت زينب ومعها باقي المغاربة الموجودين في إسرائيل بدون أوراق، في تكثيف جهودهم للحصول على وضع قانوني يمكنهم من العيش بإسرائيل والتنقل منها إلى المغرب بشكل قانوني وضمان العودة بعد ذلك.. «في البداية انتقلنا إلى السفارة المغربية بالأردن، المكلفة بالنظر في ملفاتنا، من أجل المصادقة على عقد الزواج، لكنهم رفضوا، حينها وضعت ملفي بالسفارة المغربية بغزة في سنة 2001، لكنهم أضاعوه لمدة سنة كاملة، وعثروا عليه في 2002، دون أن يصادقوا على عقد الزواج. نحن الآن عالقون بإسرائيل ومرفوضون كما لو أننا جئنا من كوكب آخر»، تردف زينب باستياء.
عندما يطلب هؤلاء المغاربة من السفارة المغربية بالأردن إتمام إجراءاتهم القانونية كانت تشترط عليهم الحصول على بطاقات تعريف وطنية بيومترية، وهو ما يعني أنه يتحتم عليهم السفر إلى المغرب من أجل رفع البصمات وإنجاز هذه البطاقات. الرجوع إلى المغرب يعني، لدى هؤلاء المغاربة، البقاء فيه والتضحية بسنين طويلة من العمل في إسرائيل.
مشكل المغاربة المقيمين بإسرائيل بطريقة غير قانونية تفاقم كثيرا. الملف الذي أصبح يطرح بإلحاح هو مصير أطفال هؤلاء المغاربة، الذين ولدوا في إسرائيل ويدرسون بمدارسها ويتعلمون ثقافتها. أمر اضطر الحكومة الإسرائيلية إلى إطلاق مشروع سنة 2006 يهدف إلى تجنيس هؤلاء الأطفال بالجنسية الإسرائيلية. «اشترطت الداخلية الإسرائيلية أن يبلغ الأولاد سن 5 أعوام فما فوق للحصول على الجنسية. أبنائي كانوا صغارا حينها، لذلك لم أتمكن من الاستفادة من هذه التسهيلات، بينما حصل أبناء مهاجرين مغاربة على الجنسية الإسرائيلية»، توضح زينب.
ملفات أبناء مهاجرين آخرين ما زالت عالقة. هؤلاء قرروا المشاركة، سنة 2010 الماضية، في مسيرات رفقة مهاجرين من جنسيات مختلفة، من أجل إجبار الحكومة الإسرائيلية على إيجاد حل لمشكلهم. ضغوط استجابت لها الحكومة الإسرائيلية في السنة الماضية. «أطلقت الداخلية الإسرائيلية حملة أخرى لتجنيس أبناء المهاجرين. ابنتي الكبرى كانت تتوفر على جواز سفر إسرائيلي، لذلك لم يكن مطروحا أي مشكل بالنسبة لها، أما ابناي الآخران فلم يكونا حاصلين على جواز إسرائيلي، بينما اشترطت الداخلية أن يكونا مسجلين في الحالة المدنية، ما يعني أن ننتقل إلى المغرب لإتمام إجراءات التسجيل في الحالة المدنية، وهو ما يعني أيضا احتمال عدم الرجوع إلى إسرائيل. لم يقبلوا مني حتى الوكالة لأحد أفراد عائلتي كي يسجل أبنائي في الحالة المدنية»، تقول زينب بنبرة حزينة.
كل الطرق أغلقت إذن، ليس أمام زينب وحدها، بل في وجه 800 مغربي معروضة ملفاتهم أمام وزارة الداخلية الإسرائيلية، وفق ما قالته زينب. «ذهبت عند السفير المغربي في الأردن وبكيت أمامه واستجديته، وبعد إلحاح قال لي إن الحل الوحيد هو أن يسجل أبنائي معي في جواز سفري، ويمدد جواز سفري لثلاث سنوات أخرى»، تضيف زينب.
الانتقال بين المصالح الديبلوماسية المغربية سواء في الأردن أو حتى في رام الله أضنى العديد من المغاربة الموجودين بإسرائيل. ولا يمكنهم الاستعانة باليهود المغاربة النافذين في الدولة الإسرائيلية، لأن هؤلاء الأخيرين يرفضون أي تدخل لفائدتهم. «هناك مغاربة يهود يعملون في وزارة الداخلية والخارجية ومؤسسات كبرى في إسرائيل، ولكنهم لا يستطيعون التدخل. هذه الدولة تعمل بالقانون، بل حتى رئيس الدولة لا يمكنه التدخل في ملفي لو أصدرت المحكمة العليا حكما فيه. المشكل مع المسؤولين المغاربة، لماذا لا يتدخلون لحل مشكلنا؟! لماذا لا ينتدبون السفارة الفرنسية للتوسط بين المغرب وإسرائيل، كما يفعلون مع الدول التي يقاطعونها؟!»، تتساءل زينب.
في انتظار الانتهاء من دوامة الإجراءات القانونية والبحث عن مخرج من هذا السجن الكبير، تعيش زينب والمغاربة الآخرون بإسرائيل بشكل عاد. يعملون دون أن يتعرضوا لمضايقات رغم عدم توفرهم على أوراق إثبات، كما أن أبناءهم يستفيدون من الدراسة والتأمين الصحي. «أعترف أن إسرائيل تتعامل معنا كما لو أننا مواطنون إسرائيليون، ذلك أن أبنائي يدرسون في مدرسة فرنسية خصوصية كبرى في يافا، ولها فرع آخر في القدس يسمى «فرير» (الأخ)، وفرع آخر بمدينة الناصرة. زوجي ينتقل إلى القدس لجلب سلع من فلسطين ويبيعها هنا. ننتقل بحرية داخل إسرائيل، ونذهب كل سبت إلى بيت المقدس، ونلتقي عائلات مغربية تعيش بالقدس ونحتفل معها بالمناسبات الوطنية والدينية»، تقول زينب قبل أن تضيف «قبل أيام أسمعت أبنائي النشيد الوطني المغربي على اليوتوب، وحفظوه وصاروا يرددونه. أخبرهم دائما أننا مجرد ضيوف بهذا البلد، ويجب أن نعود إلى وطننا ذات يوم.. نعم سنعود إليه ذات يوم».

أمازيغ في تل أبيب

مغاربة عالقون في إسرائيل. هناك مغاربة آخرون يدخلون إلى إسرائيل ويخرجون، بحرية ودون مشكل. أغلبهم ناشطون أمازيغيون ربطوا علاقات وطيدة في إسرائيل.
في غشت 2010 استضافت إذاعة إسرائيلية باحثا مغربيا فرنسيا يبلغ من العمر 33 سنة، يدعى كمال هاشكار، للمشاركة، إلى جانب إسرائيلي من أصل مغربي يدعى أريك ديلويا، في برنامج إذاعي خصصت حلقته هاته لموضوع «اليهود والبربر في المغرب، ذاكرة مبحوث عنها».
مقدم البرنامج، جون كوركوس، أشار إلى أنه تعرف على كمال هاشكار، من خلال المشاركة في يوم دراسي بإسرائيل، نظم من طرف جمعية تدعى «شالوم باي سلام»، تهتم بـ«الصداقة بين المسلمين واليهود. أما أريك ديلويا فهو رئيس جمعية ثقافية إسرائيلية تدعى «استمراريات اليهودية المغربية».
الحوار الإذاعي كشف عن معطيات مهمة للغاية، تخص وجود عدة جمعيات إسرائيلية مغربية تنشط في مجال الاهتمام ب«اليهودية المغربية». الجمعية التي يرأسها أريك ديلويا تضم لوحدها 300 منخرط من عدة دول، 500 منهم بفرنسا، و400 بإسرائيل و200 منخرط من المغرب، بينهم مغاربة يهود ومسلمون. بينما انصرف جزء كبير من هذا الحوار إلى الحديث عن العلاقات بين الأمازيغ واليهود.

التقرير ارتكز على دراسة سبق لباحث إسرائيلي مهتم بالمغرب يدعى بروس مادي ويتزمان، أن أنجزها، وتطرقت للعلاقة بين الحركة الأمازيغية وإسرائيل.
هذه التفاعلات المستجدة ظهرت بعد تطور العلاقات بين ناشطين أمازيغيين مغاربة، وأغلبهم باحثون وأساتذة جامعيون، وبين نظراء لهم من إسرائيل، يتركز بحثهم، بشكل كبير، على دراسة «المحرقة اليهودية الكبرى».
في نونبر 2009 زار 18 أستاذا مغربيا معهد «ياد فاشيم»، بعد دعوة وجهت لهم للمشاركة في ملتقى حول «الهولوكوست». كل هؤلاء الأساتذة كانوا أمازيغ. الاتصال بينهم وبين المعهد الإسرائيلي كان قبل ثلاث سنوات، أي في 2006، عن طريق لقاء بين أستاذ أمازيغي التقى باحثا إسرائيليا، على هامش لقاء بمدينة طنجة، واقترح عليه تنظيم ملتقى بإسرائيل.
معهد «ياد فاشيم»، في المقابل، اهتم بالأساتذة الباحثين المغاربة، خاصة المفرنسين، بعد تأسيسه لجنة فرنسية تتوجه نحوهم. الأساتذة الأمازيغييون المغاربة أقاموا بـ«أورشليم» مدة أسبوع، قبل أن يشاركوا في حلقة دراسية نظمها معهد «ياد فاشيم».
تقرير الزيارة الذي أعده المعهد أوضح أن الحلقة الدراسية استهدفت تعريف الأساتذة المغاربة بـ«الهولوكوست»، فضلا عن التطرق إلى العلاقة بين الأمازيغ واليهود، والتي تعود إلى أكثر من 3000 سنة، حسب أستاذ مغربي شارك في هذه الحلقة، وينكب حاليا على دراسة تاريخ المحرقة الكبرى.
هذه الحلقة الدراسية حضرها عضوان من الكنيست الإسرائيلي من أصول مغربية، هما يعقوب إدري، العضو بحزب «كاديما» الإسرائيلي، و«دانييل بن شمعون»، عن حزب «لابور». حضور هذين العضوين أضفى على الزيارة طابعا سياسيا.
الزيارة شملت دخول متحف مغربي يعرض تاريخ المحرقة، بينما أكد المشاركون الإسرائيليون فيه أنه أفضل لقاء ينظمه المعهد وينفتح فيه على أساتذة من دول إسلامية. تحية بادلها أحد الأساتذة الأمازيغيين ملقيا قصيدة تتحدث عن المحرقة ومعاناة اليهود خلالها. الأستاذ الذي ألقى القصيدة أكد أنه سيدرس طلبته «المحرقة الكبرى» عند عودته إلى المغرب، وسيعمل على إدراج هذا الموضوع في مواد التاريخ بالمدارس المغربية.
من الجانب الآخر، من إسرائيل، يد ممدودة لهؤلاء الباحثين المغاربة الأمازيغ. من بين هؤلاء الباحثين الذين يجرون بحوث ماستر ودكتوراه حاليا في جامعات المغرب، من يتخذ من أساتذة إسرائيليين مؤطرين لهم في هذه البحوث التي تهم أساسا العلاقة التاريخية بين اليهود والأمازيغ، فضلا عن التطرق لقضايا إسرائيلية عربية. أحد هؤلاء الباحثين شاب يتابع دراسته بكلية علوم التربية يجري بحثا بتأطير أستاذ من تل أبيب، يزور المغرب باستمرار، من أجل الاطلاع على ما وصل إليه هذا الباحث المغربي.
الأساتذة الإسرائيليون المهتمون بالمغرب كثر، غالبيتهم يهود مغاربة هاجروا إلى إسرائيل عند الهجرة الكبرى. غالبية هؤلاء الأساتذة يحتضنهم مركز «موشي ديان» (عسكري ورئيس إسرائيلي سابق)، وهو عبارة عن معهد للأبحاث الجامعية تابع لجامعة تل أبيب.
داخل مركز «موشي ديان للشرق الأوسط وإفريقيا»، تشتغل مؤسسة أخرى، تابعة هي أيضا لجامعة تل أبيب، تهتم بالعلاقات الإسرائيلية مع الدول العربية. هذه المؤسسة اسمها «كونراد اديناو»، تأسست في 1994، ووضع برنامج خاص لها سنة 2004، يعنى بـ»تعميق المعرفة والفهم للعلاقات اليهودية العربية في مجال البحوث والاختراعات الإسرائيلية، وإصدار المنشورات والوثائق».
تتوفر هذه المؤسسة على خزانة توثيقية كبيرة، والغريب أن داخل هذه الخزانة كتب مغربية، والأكثر من هذا أنها تحتفظ بأرشيف للصحف المغربية.
هذا الاهتمام يفسر اهتماما آخر لأساتذة إسرائيليين بالمغرب، يؤلفون باستمرار أبحاثا تتطرق لمختلف المواضيع المغربية، مثل قضية الصحراء والتيار الإسلامي في المغرب...، أشهر هؤلاء بروس مادي ويتزمان، الأستاذ بجامعة تل أبيب، والذي يزور المغرب باستمرار ويلتقي أساسا باحثين أمازيغ، كما أنه ألف أبحاثا عديدة تطرقت لمواضيع مختلفة، ونشرت بمجلات بحثية إسرائيلية ودولية، تتوفر «المساء» على نسخ منها، وصلت حتى تحليل فكر عبد السلام ياسين، وتفصيل رؤيته لليهود وإسرائيل.
في أبحاث هذا الأستاذ الإسرائيلي المعروف، يفصل ويتزمان في العلاقات المشتركة بين اليهود والأمازيغ. في أحد مقالات ويتزمان البحثية يعرض أيضا لطبيعة العلاقة التي تجمعه بالأساتذة الأمازيغ الذين سبق أن أتينا على ذكرهم. ويتزمان يذكر أستاذا أمازيغيا يدعى «م.ك»، سبق له أن أسس جمعية «الذاكرة الجماعية» (لم يرخص لها واندمجت مع جمعية أخرى سنأتي على ذكرها) بالحسيمة، بهدف محاربة معاداة السامية في المغرب، وتكريس قيم التسامح والديمقراطية حسبه. ويتزمان يشير إلى أن حملة شنت على هذا الأستاذ بعدما شاركت ابنته رفقة مغربي آخر في حلقة دراسية دولية بمعهد «ياد فاشيم» الإسرائيلي. ويتزمان يذكر أيضا «ب.أ»، الأستاذ الذي ألقى قصيدة حول المحرقة، و«ع.ب» و«م.م»، وكلهم أساتذة أمازيغ شاركوا في الحلقة الدراسية المنظمة بإسرائيل. في عز هذا التعاون الإسرائيلي المغربي الأمازيغي، أصبحت العلاقة بين المغرب وإسرائيل، عن طريق الأمازيغ، تُطرح بالساحة السياسية. هذه المهمة انبرى لها ناشطون أمازيغيون معروفون، يتقدمهم أحمد الدغرني، الذي خرج إلى العلن مدافعا عن العلاقات الأمازيغية الإسرائيلية بهدف «حماية الحقوق الأساسية للشعبين الأمازيغي واليهودي، ومكافحة اللاسامية والعنصرية، والاعتراف الدستوري والرسمي باللغتين الأمازيغية والعبرية بالشمال الإفريقي وبالعالم كله»، على حد قول الدغرني. السياسي الأمازيغي، الذي كان يسعى إلى إقامة أول حزب أمازيغي في المغرب، قال إنه «من حق الأمازيغيين تأسيس جمعية للصداقة لتعزيز العلاقات التاريخية بين الأمازيغ واليهود»، مضيفا، في تصريح له، «الصراع الدائر في فلسطين لا يهمنا لأنه يخص الفلسطينيين والإسرائيليين وحدهم، ونحن أبعد ما نكون عنه».
تتابعت التصريحات، وتعاقبت الزيارات المتبادلة، وتزايد الاهتمام الإسرائيلي، البحثي وغيره، بالمغرب، حتى وصل إلى تنسيق على أصعدة أخرى تغري باكتشافها.


مكتب اتصال إسرائيلي بشارع المهدي بن بركة وآخر مغربي بتل أبيب

العديد من المغاربة، الذين ينتقلون إلى إسرائيل، يكون هدفهم العمل. فبداية من تسعينيات القرن الماضي، بدأت أفواج هؤلاء العاملات والعمال في السفر إلى إسرائيل، وكان يتم ذلك بكثير من الوضوح والعلانية، كيف ذلك؟
في تسعينيات القرن الماضي، كان الوضع هادئا جدا بين المغرب وإسرائيل. لم يكن هناك ما يكدر صفو هذه العلاقة أو يطلق رياحا عاتية تهيج بحر التنسيق بين البلدين.
في غمرة هذا الهدوء، وبالضبط في سنة 1994، قامت إسرائيل باستئجار فيلا بشارع المهدي بن بركة بالعاصمة وسط فيلات حي السويسي بالرباط ومنازلها الفخمة، وافتتح، رسميا، مكتب الاتصال مع إسرائيل سنة 1996، بعد انفراج العلاقة بين عدة دول عربية وبين إسرائيل.
في المقابل، شرع المغرب في ربط علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، الهدف المعلن منها هو «الرغبة في دعم الحوار والتفاهم بدل «لغة القوة والغطرسة» للتوصل إلى السلام العادل والشامل».
موازاة مع هذا الانفتاح الدبلوماسي، شرعت إسرائيل في ربط قناة لنقل عاملين مغاربة إلى إسرائيل. كان مكتب الاتصال الإسرائيلي يوفر عقود عمل لمغربيات ومغاربة داخل إسرائيل. ومنذ سنة 1996، والمكتب يشهد اكتظاظا بطوابير المغاربة الراغبين في السفر إلى إسرائيل قصد العمل. سنة 1998 كان عدد الراغبين في السفر إلى إسرائيل يقدر بالعشرات.
هذا الإقبال الكبير على المغاربة، وتفضيل شباب وشابات للعمل بإسرائيل، إلى جانب تكاثر أعدادهم هناك، اضطر المغرب إلى إضافة مكتب ثان بإسرائيل، إلى جانب مكتب الاتصال المغربي بتل أبيب، حيث افتتح مكتب آخر بغزة سنة 1999.
في أوج العلاقة، تمكن عشرات المغاربة من الانتقال إلى إسرائيل بعقود عمل محددة في خمسة أعوام على أقصى تقدير. مغاربة آخرون انتقلوا إلى إسرائيل بعد حصولهم على تأشيرات سياحية، أو ضمن وفود مغربية رسمية مشاركة في تظاهرات فنية. العديد من هؤلاء قرروا حرق أوراقهم وعقود عملهم والمكوث بإسرائيل.

عدد كبير من المهاجرين المغاربة الذين انتقلوا إلى إسرائيل «احتجزوا» هناك، بعد قطع العلاقات بين المغرب وإسرائيل. كان ذلك في أكتوبر من سنة 2000، والسبب هو قرار الحكومة الإسرائيلية بوقف عملية السلام مع العرب والفلسطينيين.
ترتب عن قطع العلاقات بين المغرب وإسرائيل، تحت ضغط من المتظاهرين الذين غمروا شوارع المدن المغربية، إعلان وزارة الخارجية المغربية إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط، والمكتب المغربي في تل أبيب. لم يعد إذن للمغاربة الموجودين في إسرائيل جهة يخاطبونها. وضع أشبه بالسقوط بفخ، يتطلب التخلص منه فتح بوابات العلاقات بين البلدين من جديد.
هذا المخرج ظهرت بعض ملامحه نهاية سنة 2009، بعدما جرت مباحثات أمريكية مغربية إسرائيلية هدفها إعادة فتح مكاتب الاتصال وإقامة العلاقات الدبلوماسية. هذا ما كشفت عنه جريدة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية. مقترح عرض أيضا على تونس وبعض دول الخليج، وما زال عالقا حتى حين.
لم يعد العمل وحده هو الذي يحرك مغاربة للسفر إلى إسرائيل. عدد كبير من المغاربة يسافرون إلى هذا البلد بغرض السياحة، رغم أن العلاقات بين البلدين مقطوعة، مما يعني أنه لا يمكن تنظيم رحلات سياحية إلى إسرائيل.
هذا المعطى يميط تقرير إسرائيلي عنه اللثام، ويتعلق الأمر بتقرير صادر عن دائرة الإحصاء المركزية بإسرائيل، إذ يكشف هذا التقرير أن عددا كبيرا من السياح المغاربة يزورون إسرائيل سنويا.
وأشار التقرير ذاته إلى أن 900 مغربي زار إسرائيل خلال الخمسة أشهر الأولى من سنة 2011 الجارية. عدد كبير من هؤلاء المغاربة هم يهود يقيمون بمدن مغربية عدة ويسافرون باستمرار إلى إسرائيل للسياحة أو ملاقاة أقاربهم، الذين سافروا هناك مع موجة الهجرة الكبرى. آخرون مسلمون سافروا إلى إسرائيل بتأشيرات سياحة.
26 أكتوبر 2011، أي قبل بضعة أيام فقط، أصدر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الذي يرأسه البرلماني العربي بالكنيسيت الإسرائيلي، عزمي بشارة، تقريرا كتبه باحث مغربي، ويستعرض فيه العلاقات بين الحركة الأمازيغية في المغرب وإسرائيل. 009 مغربي زاروا إسرائيل خلال الخمسة أشهر الأولى من 1102 35 ألف مهاجر من جنسيات مختلفة يوجدون حاليا بإسرائيل، 10 في المائة منهم يقيمون بشكل غير شرعي. هؤلاء «الحراكة» وصلوا، حسب الإحصائيات الرسمية، إلى 13 ألفا في سنة 2010، بينهم العديد من المغاربة.




عضو المكتب الدولي للكونغرس العالمي الأمازيغي يكشف تفاصيل العلاقات بين الأمازيغ المغاربة والإسرائيليين
رشيد بوقسيم: لا يجب أن «نتعقد» من التعامل مع إسرائيل
- ما هي حقيقة العلاقة بين الحركة الأمازيغية في المغرب وإسرائيل؟
< هذا الموضوع يروج له الإعلام خلال السنوات الأربع أو الخمس الماضية. في الحقيقة لا توجد علاقة رسمية بين الحركة الأمازيغية وإسرائيل، كل ما في الأمر أن هناك مجموعة من اليهود المغاربة، الذين هاجروا إلى إسرائيل، إضافة إلى أبناء مغاربة يأتون إلى المغرب، في إطار زيارات متبادلة مع أساتذة مغاربة، بغرض أكاديمي، ومن أجل تشجيع البحث وتبادل التجارب على هذا المستوى.
ومؤخرا، زار وفد من الحركة الأمازيغية، يضم أساتذة وباحثين، إسرائيل، وبالضبط معهد «ياد فاشيم» الإسرائيلي، وهذه الزيارة لا تعني الحركة الأمازيغية، إذ لم تتم تزكيتها من قِبلها (الحركة)، على اعتبار أن الدعوة والزيارة كانت بشكل فردي لمجموعة من الأساتذة والباحثين.
عموما، جل الزيارات، التي انتقل فيها ناشطون في الحركة الأمازيغية إلى إسرائيل، لم يكن الهدف من ورائها استفزاز مشاعر الفلسطينيين، لأن القضية الفلسطينية ليست قضية تهم الفلسطينيين فقط أو العرب، بل هي قضية تهم الجميع، لأنها قضية حرية، وكما أن هناك فلسطينيين يعانون، فإن إسرائيليين يعانون أيضا، ونحن أيضا، بصفتنا أمازيغ، نواجه مشاكل مرتبطة بالحرية. هناك من يستغل القضية الفلسطينية من أجل ضرب الحركة الأمازيغية.
في المقابل، كان على الأشخاص، الذين ذهبوا في هذه الزيارة إلى إسرائيل، أن يوضحوا طابع الزيارة، حتى لا يقع هناك لبس كما حدث فيما بعد. هناك من يقول إن الأمازيغ يتقوون بإسرائيل، نحن لا نتقوى بهم أو بأي أحد، نحن نتقوى بهويتنا وتاريخنا وثقافتنا ولغتنا وحضارتنا ومكتباتنا ومناضلينا.
وهناك مجموعة من اليهود المغاربة ضحية سياسة تحريف، بغرض التشويش على صورتهم أمام المغاربة. هؤلاء اليهود، الذين انتقلوا إلى إسرائيل، بينهم بربر وأمازيغ، وهم ما زالوا يتشبثون بهويتهم ويعتزون بها، كما أنهم يدأبون على تنظيم مهرجانات موسيقية وأنشطة ثقافية بإسرائيل، من أجل التعريف بهويتهم. هذه الصفحة التي فتحت تهم العلاقات بين هؤلاء اليهود المغاربة وأصلهم، ويجب تشجيع هذه الخطوة بهؤلاء اليهود، الذين يمثلون المغرب، سواء كانوا عربا أو أمازيغ، والجميع حر في التعبير عن آرائه ومواقفه كما يريد.

- قلت إنه كان يجب على الوفد الذي سافر إلى إسرائيل أن يوضح طابع زيارته، لكنك أنت أيضا زرت إسرائيل للمشاركة في ندوة دراسية؟
< لا. الزيارة التي كنت سأقوم بها إلى إسرائيل لها طابع آخر. أنا دعيت إلى لقاء دراسي حول كتاب ألفته يهودية من أصل مغربي أمازيغي، وهي في الوقت نفسه ابنة مدينة أكادير، واسمها أورنا بازيز (باعزيز)، تُدرس حاليا في جامعة القدس. هذا اللقاء كان حول زلزال أكادير وتأثيره على الأسر اليهودية بالمدينة، وصادف الذكرى الخمسين لزلزال أكادير، وفق التقويم التاريخي العبري. صراحة وجهت لنا الدعوة لحضور اللقاء، لكنني لم أذهب، وأصدرنا بيانا بعدما كتب كثيرا عن هذا الموضوع.
ما منعني من السفر إلى إسرائيل وحضور هذا اللقاء هو بطء إجراءات الحصول على التأشيرة، كما أن اللقاء صادف موعد مهرجان دولي انعقد في إيطاليا، وشاركت، على هامشه، في ندوة حول التسامح في شمال إفريقيا والشرق الأوسط. كان هذا هو سبب عدم سفري إلى إسرائيل، وإلا فلا أحد يمنعني من الذهاب إلى هناك وليس لدي مشكل في ذلك.
في المقابل، كانت هذه الأستاذة اليهودية، المتحدرة من أكادير، تعتزم زيارة المدينة وتقديم مشروع ضخم حول التعمير بالمدينة، على هامش مؤتمر دولي حول المعمار والهندسة. هذه الأستاذة انتقدت الغزو الإسمنتي، الذي طال مدينة أكادير، ووضعت مشروعا من أجل إنقاذ المدينة، لكن هذا المشروع لم ير النور، لأن هناك أشخاصا يستغلون الفوضى العمرانية التي تعرفها أكادير.

- وماذا عن جمعيات الصداقة الأمازيغية الإسرائيلية التي أسسها أمازيغ مغاربة وإسرائيليون؟
< لا، لا، لا، هذه كلها مزايدات لا أساس لها من الصحة، إذ لا توجد جمعيات للصداقة بين أمازيغ وإسرائيليين. جمعية الصداقة الأمازيغية الإسرائيلية لم يسلم لها الوصل، كما أن ناشطين أمازيغ حاولوا تأسيس جمعية أخرى اسمها «منتدى أفراتي» في إنزكان، لكن لم يمنح لهم الوصل كذلك.
الجمعية الوحيدة الناشطة في هذا المجال هي جمعية «ديالوغوس»، أي منتدى الحوار، وهذه الجمعية ضمت الناشطين الأمازيغ، الذين كانوا يريدون تأسيس جمعية الأمازيغية الإسرائيلية وناشطين بجمعية «الذاكرة المشتركة». جمعية «ديالوغوس» تأسست في سنة 2008، لكن لم يمنح لها الوصل حتى سنة 2010، وهي تضم ناشطين أمازيغ بمنطقة سوس ماسة درعة، وتهدف إلى إبراز الثقافة الأمازيغية اليهودية، في إطار استراتيجية الحركة الأمازيغية الساعية إلى التعريف بجميع جوانب الثقافة والتاريخ الأمازيغيين.
كما أن الناشطين بهذه الجمعية يشاركون في ندوات دولية في عدة بلدان بينها إسرائيل، إذ سبق لهم المشاركة في ندوات ببولونيا والعاصمة الأمريكية واشنطن، إلى جانب تل أبيب والقدس بإسرائيل.

- إذا كان هذا المجهود الذي تقومون به هو لصالح المغرب، كما تؤكد، فلماذا لا تلجؤون إلى إضفاء طابع رسمي على ما تقومون به، عبر تنظيم لقاءات وزيارات ومشاريع معلنة بواسطة وسائل وآليات وقنوات الدولة؟
< الحركة الأمازيغية، منذ بدايتها وإلى حد الساعة، لا تؤمن بها جميع الحكومات، ولا تتحكم هذه الحركة الأمازيغية في الحكومات، وبالتالي لا يمكن أن نجبر الدولة على الدفع باتجاه تطوير هذه المشاريع، ففي الوقت الذي تنادي الدولة بمنع التطبيع، يدعو أبناء مسؤوليها المسؤولة الإسرائيلية تسيبي ليفني، للمشاركة في منتدى يقام في المغرب. دعنا من البوليميك.
اليهود المغاربة لديهم تجارب كثيرة في عدة مجالات، وهم يبقون أبناء المغرب، على سبيل المثال حفيد المستشار الملكي أندري أزولاي، وهو شاب صغير السن وذو طموحات كبيرة، يشتغل في فرنسا، لأنه لم تفتح له أبواب تطبيق مشاريعه في المغرب. الجميع يقول إن اليهود المتحدرون من المغرب هم مغاربة، ولكن إذا أراد هؤلاء دخول مجالات السياسة أو الاقتصاد نقول إنهم ليسوا مغاربة!!.. لماذا لدينا كل هذه الحساسية تجاه هذا الموضوع؟!، غالبية الفلسطينيين عندهم جنسيات إسرائيلية، وليس لديهم أدنى مشكل في ذلك. لا يجب أن «نتعقد» نحن من هذه القضية. ما يتم في المغرب الآن هو استرزاق بالقضية الفلسطينية، فأكيد أن الأموال التي يتم التبرع بها لا تذهب إلى فلسطين.
اليهود المغاربة هم أبناء هذا الوطن ويريدون تطوير البلاد، ولكن تتم عرقلتهم من قبل لوبيات معروفة. هذه اللوبيات لا تتحرك تحت ضغط الوازع الديني، فهذا لا يهمهم، ما يحركهم هو الخوف على مصالحهم، لأن اليهود يشكلون لهم تهديدا، على اعتبار أنهم أشخاص يشتغلون بحب وإتقان. هناك العديد من اليهود، الذين تتم دعوتهم واستضافتهم في المغرب، لكن يتم ذلك في إطار مهرجانات ولقاءات مغلقة حتى لا يعرفهم الناس. هناك اتفاقيات بين المغرب وإسرائيل يجب أن يعلن عنها ويصبح الحديث عنها واضحا وشفافا، فمثلا الجميع يعرف أن المغرب يستورد الطماطم من إسرائيل، وجميع الفلاحين عندما تسألهم عن أحسن بذور للطماطم أو الموز أو البطيخ، يجيبونك أنها البذور الإسرائيلية. يكفينا أن نتعامل مع هذا الموضوع بكل هذا النفاق.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة